الاثنين ٢ آب (أغسطس) ٢٠٢١
بقلم حسني التهامي

خيوط قوس قزح تفقد ألوانها

"في وفاة الشاعر إيهاب خليفة"

(1)

"مشْهدٌ جنائزيٌ
خُيوطُ قوْسِ قُزحٍ
تفقدُ ألوانَها"

(2)

هكذا يرحلُ الشعراءُ
والنبلاءُ
واحداً ... فواحدا
في عتْمةِ الزمنِ الشحيحِ
ولمْ تُكملْ قصيدَك يا إيهابُ!
من ذا سيكملُ أوتارَها؟
من ذا سيفْتحُ نارَ موقدِها الخبيئةَ؟
بيني وبينك...
خيْطٌ من الحرْفِ
مُمتداً لآخرِه
مُتعطِشاً للوَهجِ اللا نهائيِ
والطيرُ الذي يسْرحُ ظامِئا
مُبتدِئا بـ"مُجمعِ التحرير"
فـ"ثقافةِ الفيوم "
فشعاعِ نجْمٍ كان يسبحُ في "بحر يوسف"
يطرطشُ الضَحكاتِ
في وجْهِ المَساء
يَلْمَعُ في مُحياكَ وداعةُ الأفْقِ
ومطمحُ الشِعْرِ
الشعرِ الذي مجَّدَ الأزهار
والنسمات تزفُ حديثَ العصافير:
"مِنْ ورا الأوطانْ بَحبِك
من ورا الأوطانْ سلامي
كُلْ حُزنْ بقولْ يا قلبِك
وانتي مسمعتيش كلامي"
ها هي الصَفصَافةُ يا صديقي
تَحُطُ من أوراقِها
ورقةً تلو أُخرى
كُلما تسْقطُ
يَتعمّقُ النقشُ على الجُذوع
أحْرفاً ذَهبيةً
في وجْهِ من ينْحِتُ زيفَ لُعبتِه
ليبولَ في عُشبِ الطريقِ
بملابس خرقاءَ
تدّعي الأشياءُ مَماتَ دَهْشتها
أهلْ أحرقوكَ إذنْ
بالشجرِ الذي كانَكَ؟!
يتَسَرْسبُ الطيرُ
مُفْرغ الحَوْصلاتِ
مُنشغلاً بالرحيلِ...
باغْترابِ الرُوح
يحمل عُشبةَ عُشّهِ
تاركاً رُوحي الهزيلةَ
غُصْناً يابسا
يشكوالفراغَ
إلى الفَراغْ ...

(3)

أدخلُ الآنَ غُرفةَ الدرْدشةِ
بعدَ ساعةٍ من رحيلكَ
حيثُ لم تقرأْ رسالتيَ الأخيرةَ
لكني سأعذُرك
لأنّ قلبَك الواهنَ الكبيرَ
كانَ معنيّاً بِغَسّالةٍ عمْلاقةٍ
تغْسلُ أسْمالَ العَابرينَ
و"ملابسَ الآدميين معاً"
وأنّ قلبَك الواهنَ ربما سيُمْعِنُ في الغِيابْ
بعدَ أنْ أيقنَ أن قذارةَ العالمِ فوقَ طاقتِه
وأنّ مياهَ البحارِ والمُحيطاتِ
زحفتْ إلى ياقةِ العالمِ دونَ جدْوى
وأنّ ملاحدةً وشياطينَ
ومارشالاتٍ
وراءَ مِفَصّلاتِ بوابتِه الصَدئةِ ذاتِ الصرير
الصريرِ الذي أصمّ آذانَ الشعراءِ
أبناءِ اللهِ الطيبينَ على الأرضْ
في ليلةٍ بلا نجومْ

*** (الأغنية للفنان عهدي شاكر في حضور الشاعر الراحل وهي من كلمات الشاعر نادي حافظ)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى