حكمة السمكة
"إذا أصيبت السمكة بالعطب
فابحثوا عن العلة في الرأس "
* مثل صيني قديم
لم يدر من أين انهالت عليه كل تلك المعلومات حول أنواع الأسماك وفوائدها, وفي أي البحار توجد أنواع بعينها بكثافة دون غيرها, وما هي مواسم تكاثرها وتزاوجها, وأشهر طرق طهيها وشيها...
كان يسرد على مسامعهم المعلومات بثقة كبيرة أمام انشغالهم الشديد بما أمامهم وهمهمتهم المتقطعة التي تلفظها أفواههم كلما كفت عن حركتها المركزة.
حتى طريقة ممارسة الحب بين جنسي السمك شرح تفاصيلها و"حميميتها" تحت الماء.
بيٌن لهم كيف أن الفم الذي نحركه نحن في أغلب الأوقات لنبصق به أو نسب ونشتم أو نثرثر فيما لا يعني هو ذاته الذي ينجب لنا كائنا جميلا وذا فائدة نسميه سمكا.
وحدها أوقفت فمها عن الحركة و أصاغت السمع لمعلومته الأخيرة بانتباه جلي. رفعت حاجبيها مندهشة وقالت له :
– ونحن أيضا نفتتح الحب بالقبل وبها ننجب.
ثم استأنفت تحريك فمها بنفس النسق المتسارع.
أعجبته ملاحظتها وكأنها شجعته أكثر على الاستمرار في الثرثرة والانشغال عما أمامه. رفع كأس البيرة إلى شفتيه وقبل أن يسكبه في جوفه قال لها :
– صحيح أننا نفتتح الحب بالقبل ولكننا الآن صرنا نمارس الجنس أساسا ولا نأبه لفعل الحب.
ألقى بمحتوى الكأس في جوفه وواصل حديثه الذي صار ثنائيا بينه وبينها تحديدا.
قال :
– الواحد منا صار مهووسا باللهاث وبأفضل الأوضاع المريحة في إتمام عملية الجنس وينسى حتى أن يهمس في أذن من معه بكلمة حب واحدة أو حتى إطالة قبلة حالمة.
رفع بصره إليها فوجدها منهمكة بما أمامها, ولما أجاله بينهم واحدا واحدا ألفاهم هم أيضا منشغلين عن ثرثرته بأطباقهم التي بدأت تنفذ, فانتهى إلى السمكة الممددة وسط طبقه هو. نظر إليها مليا وإلى قطعة الليمون بجانبها.
نظر إليه مليا ثم شرع يلتهمها بعينيه فقط تماما مثلها يلتهم كتب علوم الأحياء وروايات الحب, وظلت الشوكة والسكين نائمتين حذو الطبق لم يلمسهما حتى بطرف أصابعه خجلا من مضيفيه لئلا يفطنوا إلى أنه لا يجيد أكل السمك بالشوكة والسكين مثل أغلب الناس البسطاء.