مَا زِلْتُ
أُطَارِدُ الهُرُوبَ،
وَمَا زَالَ
يَسْتَغِيثُ مِنْ إِلْحَاحِي.
أُحَاوِلُ إِقْنَاعَ نَفْسِي
أَنَّ الحُلْمَ لَمْ يَنْتَهِ بَعْد،
بَيْنَمَا تَكْشِفُ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ أَكَاذِيبِي
كَمَا اعْتَادَتْ غَرْسَ سِهَامِهَا
بَأَجْسَادِ الجُدْرَانِ؛
لِتَكْشِفَ هَشَاشَتَهَا وَضَعْفَهَا.
لَيْتَهُ لَمْ يَتَخَلَّ عَنِّي..
تَرَكَنِي وَمَنَحَهُمْ فُرْصَةَ الانْتِصَارِ عَلَيّ:
جَــدِّي،
وَبَنْدُولُ السَّاعَةِ،
وَتِلْكَ النَّمْلَةُ الَّتِي تَسْكُنُ جَفْنِي.
مَا زِلْتُ
أُسَابِقُ الأَعْذَارَ فِـي الطُّرُقَاتِ،
أُلَمْلِمُ شَظَايَا الحُلْمِ
كَي أَصْنَعَ بِلَّوْرَةً نَقِيَّةً،
أَرَاهُ كُلَّمَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا.
أُغْمِضُ عَيْنَيَّ ثَانِيَةً
أَضْغَطُ عَلَى رَأْسِي بِقُوَةٍ
عَلَّنِي أَتَذَكَّرُ مَشْهَدَ النِّهَايَةْ..
لَكِنْ..
بِلا جَدْوَى.
سَامَحَكَ اللَّهُ يَا جَدِّي.
أَتُرِيدُ مُصَالَحَتِي عَلَيْهَا
بَعْدَمَا احْتَقَرَتْكَ، وَأَلْقَتْكَ وَحِيدًا؟!
وَأَنْتَ أَيُّهَا البَنْدُولَ التَّافِهَ
سَوْفَ أُعَاقِبُكَ بِالتَّجَاهُلْ.
أَمَّا تِلْكَ النَّمْلَةُ اللَّعِينَةْ..
قَدْ أَنْقَذَتْهَا الأَقْدَارُ مِن انْتِقَامِي.
لمَاذَا اخْتَارَتْ جَفْنِيَ مَسْرَحًا
لِنِهَايَتِهَا البَائِسَةْ؟
هَلْ لِتَتَّخِذَ عَيْنِيَ مَقْبَرَةْ؟
عَيْنِيَ مَقْبَرَةْ؟!
إِذَنْ
سَوْفَ يَمْتَلِئُ يَوْمِيَ بِالجَمَاجِمَ وَالعِظَامِ
وِرُفَاتِ المَوْتَى وَأَصْوَاتِ المُعَذَّبِينْ.
لَوْنِي دَاكِنٌ حَزِينْ.
أَنْفَاسِيَ ممْلُوءَةٌ بَالتُّرَابِ،
وَرَائِحَةُ أَحْلامِيَ
كَرِيهَةٌ مُنَفِّرَةٌ
يَشْمَئِزُّ مِنْهَا كُلُّ أَصْحَابِي،
فَكَالعَادَةِ
سَأَبْقَى
وَحْدِي.
-