قَالُوا عَنْهُ مُنَاضَِلْ
يَحْمِلُ أَتْعَابَ الشَّعْبِ الْمُتَوَتِّرِ فِي صَدْرِهْ
يَحْلُُمُ بِالْفَجْرِ يَرُشُّ غَلاَئِلَهُ
بَيْنَ ضُلُوعِ حَبِيبَتِهِ السَّمْرَاءْ
****
هَذَا الرَّجُلُ الثَّائِرُ
لَمْ أَكُ أَعْرِفُهُ عُضْواً عُضْواً
لَكِنِّي بِالأَمْسِ قَرَأْتُ كَثِيراً عَنْهُ
سَمِعْتُ كَثِيراً عَنْهُ
ﭐلْيَوْمَ أُفَتِّشُ عَنْهُ
لِأَقْرَأَ فِي اللَّيْلِ كِتَابَهْ
****
قَالُوا عَنْهُ مُنَاضِلْ
هَا إِنِّي سَفْرٌ أَبْحَثُ
فِي كُلِّ مَحَطَّاتِ الوَطَنِ الْهَارِبِ عَنْ ذَاتِهْ
****
مَرَّتْ خَيْلِي بِبُيُوتِ الفُقَرَاءِ طَرَقْتُ مَسَاءً كُلَّ ٱلأَبْوَابِ وَلَكِنْ كَانَ فُؤَادِي يَسْمَعُ صَوْتاً يَتَكَرَّرُ بِاسْتِمْرارٍ وَيَقُولُ بِنَبْرَتِهِ الْمَخْنُوقَةِ: صَاحِبُكَ الثَّائِرُ فَي غَبَشِ الصُّبْحِ ٱسْتَوْرَدَ أَجْنِحَةً جَعَلَتْهُ يَمْخُرُ أَمْوَاجَ الْمَجْهُولِ فَأَرْسَلْتُ عُيُونِي دَاخِلَ كُلِّ سُجُونِ الوَطَنِ النَّافِعِ أَبْحَثُ عَنْهُ وَلَكِنْ كُلُّ سُجُونِ الوَطَنِ الْمُحْتَلِّ تُرَدِّدُ:صَاحِبُكَ العَاشِقُ قَدْ خَرَجَ اليَوْمَ مِنَ الْمَعْلُومِ إِلَى الْمَجْهُولْ.
****
قَالُوا عَنْهُ مُنَاضِلْ
وَأَنَا مَا زِلْتُ أُفَتِّشُ عَنْهُ لِأَقْرَأَ في اللَّيْلِ كِتَابَهْ
****
فِي مَطْلَعِ هَذَا اللَّيْلِ ٱبْتَلَعَتْنِي الْمَقْهَى أَخَذَتْنِي بَيْنَ كَرَاسِيهَا عُصْفُوراً يَبْحَثُ عَنْ سِكِّينٍ. كَانَتْ عَيْنِيْ تَتَصَفَّحُ كُلَّ وُجُوهِ الزُّبَنَاءْ
فَإِذَا الرَّجُلُ الثَّائِرُ يَخْرُجُ مِنْ دَائِرَةِ الْمَجْهُولِ إِلَى دَائِرَةِ الْمَعْلُومِ الوَاسِعِ مَقْعَدُهُ يَتَوَسَّطُ رُوَّادَ الْمَقْهَى. لَمْ يَكُ يَقْرَأُ كُتْبَ الثَّوْرَةِ وَالْعِشْقِ عَلَيْهِمْ. لَمْ يَكُ يُعْطِيهِمْ دَرْساً فِي حَمْلِ السَّيْفِ وَحَمْلِ الرَّشَّاشِ وَحَمْلِ الْمِدْفَعِ كَانَ يُنَادِمُ قِنِّينَةَ خَمْرٍ مَعَ بَعْضِ الزُّبَنَاءِ لِهَذَا جَحَظَتْ عَيْنَايَ تَحَوَّلَتَا نَصْلَيْنِ ٱنْغَرَسَا فِي صَدْرِهْ.