الأحد ٢٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٠
بقلم مصطفى يعلى

العجيب أفقا للخلاص في «ليالي ألف ليلة» لنجيب محفوظ

إن عددا مهما من كبار الكتاب العرب، قد سبق لهم أن استوحوا ألف ليلة وليلة في أعمالهم السردية، من طه حسين إلى نجيب محفوظ، مرورا بتوفيق الحكيم والطيب صالح وهاني الراهب والطاهر وطار وغيرهم. علما بأن هذا المؤلف السردي التراثي العريق، لطالما كان رافدا إبداعيا لكثير من الكتاب الأجانب أيضا. وإننا إذ نثير هذه الحقيقة، لا نهدف إلا إلى توكيد جمال وغنى وروعة هذا الأثر الإنساني الشعبي/ الرسمي فحسب. وفي حالة رواية (ليالي ألف ليلة)(1) لنجيب محفوظ ، تبدو من القراءة العابرة الأولى وكأنها مجرد استنساخ حرفي للأصل، بسبب الإصرار على استيحاء عوالمها شكلا ومضمونا، لولا استراتيجية الكاتب للتخلص من جبة النص الشعبي ولبس سترة الأثر الروائي الرسمي.
وفعلا، إننا عند الانتهاء من قراءة رواية (ليالي ألف ليلة)، نستطيع أن نمتلئ اقتناعا بأننا كنا بصدد تلقي رواية حقيقية جميلة، وليس أمام إعادة إنتاج لنص الليالي الشعبي. والدليل، كون العنصر العجيب المهيمن على الليالي يحتل مركز الصدارة هنا في الرواية أيضا، لكن بوظيفة مختلفة كما سيتبين لاحقا. ذلك أن العنصر المميز لليالي نجيب محفوظ ، هو هذا الجو الروائي المفعم بعجائبية ألف ليلة وليلة، بل والحكاية العجيبة إطلاقا. وقبل الخوض في مظاهر ذلك الحضور للعجيب ووظيفته التخييلية، نحاول أن نتعرف بإيجاز شديد على مفهوم هذا الأخير أولا، حتى نتمكن من رصده وطرق تشغليه وأشكال توظيفه والأهداف المتوخاة من اعتماده روائيا.
العجيب قاموسيا يعني ما جاوز حد العجب ويتم إنكارنا له، فهو خارق فوق الطبيعة ومتجاوز للمعقول ومنطق الواقع. وقد حدده تودوروف بما يتعلق بظاهرة مجهولة لم تسبق رؤيتها وتحيل على المستقبل، ولا يمكن تفسيرها إلا بقوانين طبيعية جديدة(2).

وإذا حاولنا مقاربة العجيب في رواية (ليالي ألف ليلة)، وجدناها تشيّد بناءها على هذا المكون بزخم أحداثها الغريبة، بحيث إذا حذفناه انهار النص الروائي جميعه، وأصبح كيانا بلا عمود فقري. وكما أنه لا يمكن للقصة العجائبية أن تتسق دون أحداث غريبة وفق اجتهاد تودوروف(3)، فإنه يمكن الذهاب إلى القول بأن الأحداث الغريبة هي أيضا ما يبني القصة العجيبة. والرواية المدروسة هنا، خير احتجاج لصالح هذا الاستنتاج، خاصة وأنها قد استعارت كذلك كثيرا من عناصر إحداثياتها وبنائها من النص الأصلي المستنسخ (ألف ليلة وليلة). من ذلك أنها احتذته في البدء بملابسات علاقة الملك شهريار بزوجته شهرزاد، المترتبة عن أزمته مع المرأة إطلاقا، مع الإشارة إلى أن حكاية شهريار وشهرزاد تلعب نفس الدور التأطيري لمحتوى هذين الأثرين الشعبي والرسمي، حيث يبدآن وينتهيان بها. ومن ذلك أيضا، كون الرواية كألف ليلة وليلة، تتوزع على فصول يحمل أحد عشرعنوانا منها أسماء شخوص معظمهم مأخوذ من هذا الأثر المرموق (شهريار ـ شهرزاد ـ صنعاء الجمالي ـ جمصة البلطي ـ نور الدين ودنيا زاد ـ أنيس الجليس ـ قوت القلوب ـ علاء الدين أبو الشامات ـ السلطان ـ معروف الإسكافي ـ السندباد)، وثلاث فصول تحمل عنوان صفة الشخوص (الشيخ ـ الحمال ـ البكاءون)، وآخر يدل عنوانه على حركية الشخصية (مغامرات عجر الحلاق)، في حين يتخذ فصل واحد عنوان فضاء (مقهى الملوك)، إلى جانب تخصيص فصل واحد آخر اسم الأداة السحرية عنوانا له (طاقية الإخفاء). مع العلم أن نجيب محفوظ يعتمد هنا في تنضيد كل فصل من هذه الفصول على نظام الترقيم المسلسل لمشاهد الفصل، باستثناء الفصول الأربعة الأولى، ربما لقصرها، أو لاعتبارها مجرد افتتاحية لحركة الحدث في فضاء الرواية.
وإذا كنا قد أشرنا إلى أن هناك شبه استنساخ لألف ليلة وليلة، فمعنى هذا أن مكون العجيب سيتغلغل في كل تلافيف الرواية، مما يصعّب الإلمام بجل تجلياته هنا. لذلك سنعمد إلى حصره في محاور بارزة تسهل الإمساك بالدور التخييلي الذي اضطلعت به والأهداف التي ترمي إليها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التجليات الرئيسة الموالية :
ـ العجيب الأدواتي السحري.
ـ العجيب الجني.
ـ العجيب المغامراتي.
ونبدأ بتجلي العجيب الأدواتي. وهو التجلي الأقوى في استحضار العجب داخل فضاء الرواية. ذلك أن الرواية كما سبقت الإشارة، تخصص فصلا تحت عنوان مباشر هو (طاقية الإخفاء)، حيث يتدخل الجنيان سخربوط وزرمباحة بوصفهما الشخصيتين الشريرتين بإغراء الفتى الهمام فاضل صنعان، الدال اسمه على صنع الفضل. فعملا بمبدإ التحول، وكسر الحواجز بين الروحي والمادي، حدث تجسد المجرد (سخربوط) في الصورة المادية (رجل مشرق الصورة بسام الثغر)، ودخل في حوار مع فاضل صنعان، توج بتسليمه هدية غير عادية فيها الغناء عما عداها، على حد وصف الجني لها، هي عبارة عن طاقية مزخرفة بتهاويل ملونة لم ير فاضل مثلها من قبل. ظن أنه في حلم عندما رأى الرجل الغريب يحكم لبسها ويختفي عن الأنظار. سلمه الهدية على أن لا يفعل بها ما يمليه عليه ضميره. وجعلت الأداة السحرية فاضل صنعان يشعر عن طريق الاختفاء بأنه يعلو ويسود ويتساوى مع القوى الخفية، ممتلكا زمام الأمور ومتيقنا أن مجال العمل يترامى أمامه بلا حدود. وواضح أن انزياحا عن المعتاد في القصص الشعبي، قد مورس هنا فيما يتعلق بتسليم الأداة السحرية، ذلك أنها تسلم للبطل عادة من طرف شخصية خيرة هي الشخصية المساعدة، ومن أجل هدف نبيل يتمثل في فعل الخير مثل إنقاذ الأميرة من خاطفها، وليس فعل الشر كالاغتصاب والقتل والنهب. لكن الأمر في الرواية مختلف، فالجني الشرير هو الذي يسلم الأداة السحرية، ولأجل فعل الشر تحديدا، والبطل يستجيب لهاجس الشر متواطئا مع الجني رغم صلاحه واستقامته، ويرتكب عددا من الأفعال غير اللائقة لا باسمه ولا بماضيه؛ فيسرق ويعبث بأصدقائه، ويقتل توأم السجان خطأ بأحد الأزقة ليتهم بائع البطيخ البريء مكانه فيعدم ظلما، ويغتصب قمرا أخت حسن العطار وقوت القلوب زوجة سليمان الزيني، فيتسبب في انتحارهما. وكلما مال إلى فعل الخير ظهر الجني له محذرا مهددا.
ولما ألقي على فاضل صنعان القبض للتحقيق معه، هرب من السجن بواسطة الطاقية، فكان هروبه مذهلا ((هروبه لغز كأنه عمل من أعمال السحر الأسود))(4)، على حد قول كبير الشرطة بحيرة موجعة. ولم تعد لفاضل صنعان حياة إلا تحت الطاقية مثل روح ملعونة هائمة في الظلام، لا تتحرك إلا في مجال العبث والشر، بعد أن منعت من التوبة وفعل الخير، وكما يصفه السارد (صار شيطانا رجيما).

في الأخير تقتل الأداة السحرية (طاقية الإخفاء( صاحبها، لكون مصدرها من الشر واستعمالها تم في الشر. ورغم تهديد الجني بنزع الأداة السحرية، ارتد فاضل صنعان عن الشر والنزوع إلى الخير لكن بعد فوات الأوان، متخلصا من العبودية للأداة السحرية وللجني ذاته ولأسر الظلام والعزلة والعدم، أي المرور من مطهر العجيب رغم قساوته للنفاذ نحو إدراك الحقيقة الإنسانية والأخلاقية. لهذا كان مصيره مثل مصير والده: المحاكمة والإعدام، رغم الندم والتوبة المتأخرة. فيتأكد بذلك الفشل في معالجة الواقع الفاسد، لكون القوى الشريرة الخارقة هي المتحكمة في مقدراته ومصائره.
وعلى عكس هذا الاستعمال الآثم للأداة السحرية (طاقية الإخفاء) مخالفة للمعهود بالنسبة لطبيعة شخصية المانح وكيفية ومهمة توظيف الأداة السحرية في القصص الشعبي العجيب، يتصرف معروف الإسكافي بحكمة في استعمال سلطة خاتم سليمان. فبعد أن تناول معروف المنزول بكثرة، ذهب إلى مقهى الأمراء عند أصحابه، والدنيا لا تسعه من السلطنة. وأخبرهم مازحا بأنه عثر على (خاتم سليمان)، ولما تحدوه أن يأتيهم بعلامة عنه كأن يرتفع نحو السماء، تظاهر بتجربة قوته قائلا: يا خاتم سليمان ارفعني إلى السماء. فانقطع فجأة عن الكلام ((معروف نفسه اجتاحه رعب غريب .. شعر بقوة تقتلعه من مجلسه.. ومضى يعلو ببطء وثبات حتى وقف جميع الرواد فزعين ذهلين.. واتجه نحو باب المقهى وخرج منه وهو يصرخ ’’أغيثوني’’، ثم ارتفع حتى اختفى في ظلمة ليل الشتاء.. تجمهر الرواد في الطريق أمام المقهى. تصايح الناس بالواقعة))(5). وتكرر الطيران أمام الملك شهريار بعد أن انتشر خبره، فطلب حضوره بين يديه.
إن العجيب هنا يتساكن مع الناس، وكأنه عالم مواز للواقع. فالكل مؤمن قبليا بالخاتم وسلطته، كما يبدو من تهديد معروف الإسكافي، وهو اسم شخصية من ألف ليلة وليلة، لطليقته فتصدقه وتفر ناجية بنفسها:
((ـ إن لم تذهبي في الحال حملك العفريت إلى وادي الجن..
فصرخت المرأة من الفزع وهرولت لا تلوي على شيء))(6).
ويختلف الخاتم عن الطاقية في هيئة الحضور بفضاء الرواية. ذلك أن الطاقية حاضرة عينيا، وموصوفة الشكل، يسلمها الجني الماكر المتجسد في صورة رجل مشرق الوجه بسام الثغر يدا بيد، وأثرها مجرب، حيث يختفي الرجل الجني بمجرد وضعها على رأسه كما الحال لدى فاضل صنعان. أما الخاتم فلا أثر لوجود مادي ملموس له. وإنما هي قدرته الخارقة التي تنوب عن حضوره، وقد تمثلت في تمكين معروف الإسكافي من الطيران بمجرد طلب ذلك من الخاتم، وإن كان السارد يكشف عن حقيقة هذا المفعول الخارق برده إلى الجني وليس إلى الخاتم. بل يمكن بمنطق السببية رد الأمر إلى مجرد هلوسة ناتجة عن الإكثار من تناول المنزول. على أن مصير معروف الإسكافي سيكون أحسن. فإذا كان عقاب مستعمل الأداة السحرية في الشر شرا في الرواية، فإن معروف الإسكافي قد أفلت من العقاب، بل نال منصب رئاسة الحي من طرف شهريار، جزاء لامتناعه عن القتل والعبث بالناس كما فعل غيره، فقد أحسن التصرف تماما مثل أبطال القصص الشعبي العجيب، ورفض توظيف سلطة الخاتم الموهوم في الشر، بل عمل على الاصطفاف بجانب الجماهير الكادحة وتقديم خدماته الخارقة في مصلحتهم، لذلك ستناصره عندما يحوم حوله سيف السلطة الغاشمة.
وإذا انتقلنا إلى التجلي الجني العجيب، بدا واضحا أن سمة الجن في الرواية ليست اعتباطية، بل إنها أفضل آلية للمضاعفة من درجات بلاغة العجيب في هذه الرواية الممتعة والمفيدة. إن للجن هنا حضورا ماديا قويا مجسدا بين شخوص الرواية وداخل عقولهم وعواطفهم، سواء خلال توالي الأحداث واحدا وراء الآخر، أم عبر سلسلة المشاهد السحرية الطويلة التي تصنع عالم الرواية. ذلك أنهم هم الذين يقفون وراء كل المظاهر الخارقة التي تخللت تطور الحدث من البداية إلى النهاية، خصوصا ما تعلق منها بتسليم الأدوات السحرية. أي أن رغبات ودوافع هذه الكائنات غير المرئية، تتحقق بأيد بشرية تحت وطأة الإغواء أو التهديد أو هما معا. ولا غرو، فإن جنس العجيب يرتبط ((عموما بجنس حكاية الجن؛ وفي الحقيقة، لا تعدو حكاية الجن أن تكون واحدة من منوعات العجيب والوقائع فوق ـ الطبيعة لا تحدث فيها أي مفاجأة))(7). إن اشتغال العجيب في فضاء العالم التخييلي لهذه الرواية، ناتج عن مسرحة حركة هذه الأرواح بين البشر في واقع محدد، كما لو كانوا بشرا من أهالي الحي. ومهما تعددت المبررات السلبية، فإنه يصعب في هذه الحالة نزع زخم الوجود الثخين للجن عن عالم الرواية، وإلا فقدت سحرها التخييلي المدهش. وهكذا، بعد الافتتاح المكثف بحكاية شهريار وشهرزاد، والتقديم السريع لشخصية أستاذ شهرزاد وكذا لمعظم شخوص الرواية الشيخ عبد الله البلخي، والرسم المستعجل لفضاء مقهى الأمراء، تدخل بنا الرواية مباشرة إلى عالم من العجائب مذهل، يتسبب فيه انحشار عنصر الجن في حياة الأبطال ومصائرهم.
فقد حرّض الجني قمقام صنعان الجمالي على قتل علي السلولي حاكم الحي، الذي يستعبده بسحر أسود، ليستعين به في قضاء مآرب لا يرضى عنها الجني الخيّر. لذلك وقع اختياره على صنعان الجمالي ليخلصه من سحره بقتل السلولي. لكن صنعان الجمالي الرجل الطيب، سرعان ما ينزلق إلى عالم الجريمة. وهنا يكون العجيب الذي دخل صنعان الجمالي مملكته تحت وطأة الحلم والمنزول، طريقا شائكا لخلق بيئة إنسانية في الحي لا يستعبد فيها الضعفاء من طرف الأقوياء، بعد قتل الحاكم الفاسد علي السلولي. بيد أن صنعان الجمالي الذي انجرف نحو غواية الجريمة ما عاد عنصرا طيبا متعايشا مع سكان الحي كذي قبل، لهذا وجبت معاقبته بالمحاكمة والإعدام.
ثم نلتقي في الرواية مع هذا الخارق العجيب للمرة الثانية، بتدخل الجن في حياة أحد أبطال الرواية، مباشرة بعد الخاتمة الدرامية لصنعان الجمالي، وذلك مع بطل فاسد هذه المرة من داخل السلطة المستبدة (حقير يقتات على الحقارة) كما وصفه الراوي، هو السفاح جمصة البلطي كبير الشرطة، الذي حرر مصادفة الجني المؤمن سنجام من قمقمه، الذي سجنه فيه الملك سليمان منذ ألف عام. وبإيحاء هذا الجني، وبعودة جمصة إلى معدنه الإنساني الخيّر متأخرا، ولعله عمل الخير الوحيد في حياته كما جاء على لسان عجر الحلاق، أو كما قال لنفسه ((إنه يمارس الآن عبادة صافية يغسل بطهرها قذر أعوام النفاق الطويلة))(8)، أقدم على قتل حاكم الحي الفاسد خليل الهمذاني، اعتقادا منه بأنه يقوم بواجب تخليص الحي من تسلطه وفساده وظلمه، وبالتالي تحقيق إرادة الله العادلة في سلطنة ترفع شعار الله وتغوص في الدنس. فيكون جزاؤه مثل جزاء صنعان الجمالي، المحاكمة والإعدام، ربما لمسلكه الشرير خلال حياته العملية في السلطة، الذي ترتب عنه كثير من الأذى والوحشية تجاه الضحايا والأبرياء. وإمعانا في العجب تتم مضاعفة شخصية جمصة البلطي بتدخل الجني سنجام في اللحظة الأخيرة ليخلصه من الموت، بعد أن أخضعه لمبدإ التحول باعتباره مظهرا بارزا من مظاهر العجيب، ويصنع صورة شبيهة له هي التي تعدم، بينما يعيش جمصة بين الناس مفصولا عن رأسه وأسرته، بوجه مختلف في صورة حبشي مفلفل الشعر، خفيف اللحية، ممشوق القامة، ينظر مع الناظرين إلى رأسه المعلقة على باب بيته. وعاش زمنا باسم مستعار هو عبد الله الحمال. وعندما اكتشف أمره، عادت شخصيته للتحول من جديد إلى صورة أخرى مغايرة، ذات وجه قمحي صافي البشرة، ولحية مسترسلة سوداء، وشعر غزير مفروق يسدل حتى المنكبين، ونظرة عينين تومض بلغة النجوم، مع حمل اسم عبد الله البري ونعت المجنون. وفي كلا الصورتين عاش عدوا للشر، ديدنه أن يفتك بعتاته.
ولو أننا رمنا فهم كل تجليات هذا السحر بعد الاستمتاع بروعته، لسلمنا بأنه من المؤكد أن ثمة تأويلا ما لحالة تداخل المادي والروحي في حركة الحدث برواية (ليالي ألف ليلة)، غير أن هذه الرواية لا تتردد بطريقتها الخاصة، عن كشف علل ما وقع من اختلاط بالجن. فها هنا أيضا يقترن الأمر بالنوم الثقيل غالبا، وولوج عالم الأحلام والهلوسة أحيانا؛ ((وغلبه النوم مرة في حجرة عمله فاستسلم له كأسد جريح..لم يفز بالراحة المنشودة ولكنه طرح تحت ثقل وجود غليظ احتل جوارحه..همس في حيرة:

ـ سنجام !
فجاء الصوت مقتحما وجدانه:
ـ أجل يا كبير الشرطة !))(9).
ويبقى السؤال الذي لا يملك المتلقي إلا طرحه في نهاية كل مغامرة من هذا القبيل، دون جواب هنا أيضا، فهل ساعدت هيمنة العجيب الضاغط في هذا الفصل، على تخليص الواقع الموبوء من سلبياته، بعد القضاء على بعض رموز السلطة الفاسدة فيه؟.
ويتكرر تأثير فعل الجن في حياة البشر، من خلال العبث الآثم الذي مارسه الجنيان الشريران سخربوط وزرمباحة في حق نور الدين ودنيازاد، حيث أوقعا شدة العشق في قلبيهما، ثم زوجاهما خلال الحلم، من غير أن يلتقي أحدهما بالأخر في الواقع الحياتي، مما أدخل العشيقين الغريبين عن بعضهما البعض في ورطة حقيقية، لم يخرجا منها إلا بعد معاناة شاقة.
ولا يقتنع الجن في الرواية بممارسة التأثير على البشر، بحيث يدفعون معظم شخوص الرواية إلى التحرك وفق رغباتهم، بل إن الجنيين الشريرين زرمباحة وسرخبوط يخرجان من ظلهما نحو اقتحام الواقع، متحولين من صورة الجن إلى صورة الإنس، حيث تتجسد هي في هيئة امرأة غريبة من بلد مجهول، مصحوبة بعبد واحد ليس هو في الحقيقة سوى سرخبوط. فبدت بارعة الجمال، نظرة منها تملأ الجوف بعشرة دنان من خمر الجنون، تتسمى أنيس الجليس، وتسكن (الدار الحمراء)، وهي دار كبيرة بسوق السلاح، يوحي اسمها وموقعها بدلالة خاصة، هجرت زمنا لهلاك أصحابها في وباء، وتركت عارية وماتت حديقتها، وأصبح يترامى في عمق الليل غناء عذب ونغم ساحر من وراء أسوارها. فهيج جمال أنيس الجليس والجو الخاص في دارها مكامن الأشواق في النفوس، وتكالب الأعيان والموسرون على دارها من أجل اقتحام المجهول..فكانت الدعارة والجنون والدم والإفلاس.
وخلال عبثها بالأعيان من أصحاب السلطة والجاه، بما فيهم شهريار ووزيره دندان، وسخريتها منهم بعد أن عرتهم أجسادا وكرامة، ثم أقفلت عليهم الأصونة داخل قصرها لتفضحهم أمام الناس، ظهر المجنون المستعصي على الإغواء متحديا لها ومتمتما بتلاوة خفية، فتلاشت في المجهول، وتلاشت معها صورة القصر الباذخة المغرية، ثم أطلق سراح الأعيان بفتح أقفال الأصونة، إشفاقا أن لا تجد الرعية في الصباح سلطانا ولا وزيرا ولا حاكما ولا كاتم سر ولا رجل أمن فيستولي عليها أقوى الأشرار. وهو وضع يجلي بوضوح مدى الدرك الذي بلغه الفساد في هذه السلطنة.
إن الانطباع الذي يخرج به المتلقي من قراءة رواية (ليالي ألف ليلة)، بالنسبة لتجلي العجيب الجني، يتبلور بعد ربط الخيوط الناظمة لممارسات الجن في فضائها، قياسا إلى شرور الإنسان في مجتمع موبوء؛ أقول إن هذا الانطباع يتبلور في الاقتناع بكون تداخل الجني والإنسي في واقع الحي، ليس في حقيقته سوى تجسيد لمعادل موضوعي تخييلي لهذا الواقع الفاسد .
أما العجيب المغامراتي في الرواية، فيشتد مع ظهور السندباد بعد عودته من رحلاته الطويلة، حيث أطل عنصر العجيب بكثافة أكثر، متماهيا مع صاحبه، ابتداء من غرابة هندامه ((رجل غريب ـ نحيل القامة مع ميل للطول أسود اللحية رشيقها، يستقر في عباءة بغدادية وعمامة دمشقية ومركوب مغربي، وبيده مسبحة فارسية حباتها من اللؤلؤ النفيس))(10). وقد أثار مظهره هذا عجب رواد المقهى فـ ((انعقدت الألسنة وانجذبت حوله الأبصار..))(11).
وهنا يشترك الواقع والخيال في إثارة العجب، حيث يخبر الأصدقاء القدامى السندباد بما وقع من أعاجيب في حياتهم قبل مجيئه ((وفد على مدينتنا عدد من أخيار الجن وأشرارهم))(12)، فيعلق هو متعجبا: ((حسبت الأعاجيب قاصرة على رحلاتي، الآن يحق لي العجب..))(13).
ويتحايل الراوي لسرد رحلات السندباد السبعة وما لاقاه فيها من عجائب وغرائب، باعتماد أسلوب الرواية التراثي، حيث يأمر السلطان شهريار السندباد بأن يحكي عجائبه وما استحصله منها من دروس وعبر.
فحكى السندباد عن الجزيرة السوداء؛ وكيف غرقت السفينة، فتعلق بلوح قاده إلى جزيرة سوداء مع بعض الناجين من الغرق، لم تكن سوى حوت هائل سرعان ما أزعجته حركتهم، فغاص في الأعماق. وحكى عن طائر الرخ؛ فقد وجد نفسه وحيدا في جزيرة موحشة مهجورة، لم يتمكن من مغادرتها إلا عن طريق ربط نفسه بطائر الرخ. وعن ملك إحدى الجزر الذي سمن رفاقه، ثم شرع يأكلهم واحدا واحدا، باستثناء السندباد الهزيل الذي تمكن من الفرار من الجزيرة في الوقت المناسب. وحكى عن زواجه ورفاقه بفتيات جميلات من أهالي إحدى الجزر، التي قادتهم الأمواج إليها بعد غرق سفينتهم، لكنهم أدركوا فيما بعد أن الزوج لابد وأن يدفن حيا مع زوجته الميتة كما توجب أعراف الجزيرة، مما اضطره لكي يسرع بالفرار من الجزيرة. وحكى كيف تسلط عليه الشيخ الماكر اللعين بإحدى الجزر وأبى أن ينزل من على ظهره، فلم يجد بدا من التخلص منه بقتله عن طريق حيلة الخمر، ثم غادر الجزيرة الخالية. وحكى السندباد أخيرا للملك شهريار، حكاية زواجه بجزيرة النساء من امرأة خارقة الجمال، ركبت له أجنحة فر بها عندما علم أنها جزيرة شياطين.
وإذا كانت شخصية السندباد هنا مستوحاة بمواصفاتها وتفاصيل حياتها من الأثر المحتذى (ألف ليلة وليلة)، فإنه من الممكن ملاحظة كون مصدر إطار سرد عجائبه هنا، مستلهم من تقنية استدعاء الحكايات الخرافية في كليلة ودمنة، حيث يأمر دبشليم الملك بيدبا الفيلسوف أن يحكي له حكايات حول موضوعات معينة، فيستجيب، من ذلك: ((قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف وهو رأس البراهمة: اضرب لي مثلا لمتحابين يقطع بينهما الكذوب المحتال حتى يحملهما على العدوان والبغضاء. قال بيدبا: إذا ابتلي المتحابان بأن يدخل بينهما الكذوب المحتال لم يلبثا أن يتقاطعا ويتدابرا: ومن أمثلة ذلك زعموا أنه كان بأرض دستاوند رجل شيخ....))(14).

وهنا في رواية (ليالي ألف ليلة) لنجيب محفوظ، تنقلب المهمة، فيعرض السندباد نفسه مواضيع / عبر مغامراته العجيبة وخبراته الحياتية في صدر حكاياته على الملك شهريار، على شكل دروس تعلمها من الحياة الشاقة، بلغت ست دروس هي:
ـ ((تعلمت يا مولاي أول ما تعلمت أن الإنسان قد ينخدع بالوهم فيظنه حقيقة وأنه لا نجاة لنا إلا إذا أقمنا فوق أرض صلبة)).
ـ ((تعلمت أيضا يا مولاي أن النوم لا يجوز إذا وجبت اليقظة وأنه لا يأس مع الحياة)).
ـ ((تعلمت أيضا يا مولاي أن الطعام غذاء عند الاعتدال ومهلكة عند النهم، ويصدق على الشهوات ما يصدق عليه)).
ـ ((تعلمت أيضا يا مولاي أن الإبقاء على التقاليد البالية سخف ومهلكة)).
ـ ((تعلمت أيضا يا مولاي أن الحرية حياة الروح وأن الجنة نفسها لا تغني عن الإنسان شيئا إذا خسر حريته)).
ـ ((أيضا تعلمت يا مولاي أن الإنسان قد تتاح له معجزة من المعجزات ولكن لا يكتفي أن يمارسها ويستعلي بها)).
إن الرواية تقوم بنوع من الإيحاء بما يجب أن يكون بين ممثل السلطة ورجل الشعب. فصوت الشعب يتقدم هنا على مستوى الخبرة والقيم، مثلما تقدم على مستوى السياسة والحكم كما هو الشأن في حالة معروف الإسكافي الذي أصبح رجل سلطة عادلا. وهكذا كان السندباد يبدأ حكيه مثلا قائلا: ((تعلمت يا مولاي أول ما تعلمت أن...))(15) ثم يردف حكاية مغامرته العجيبة المجسدة للعبرة.
وفي ذات السياق المغامراتي العجيب، دفعت حكايات السندباد وعبره السلطان شهريار، مثلما ساهمت حكايات شهرزاد وغيرها ممن مروا بتجارب عجيبة قاسية بذل أكثرهم حياته نتيجة لها، إلى التوجه نحو الخلوة والتأمل، ليلج تجربة نفسية عجيبة طليقة في الزمان والمكان، بحثا صوفيا عن المخرج، نيابة عن الجميع ((هجر العرش والجاه والمرأة والولد.. عزل نفسه مقهورا أمام ثورة قلبه في وقت تناسى فيه شعبه آثامه القديمة الماضية.. اقتضت تربيته في وقت قصير.. لم يقدم على الخطوة الحاسمة حتى استفحل في باطنه الخوف وهيمنت رغبته في الخلاص.. غادر قصره بليل. عليه عباءة خفيفة وبيده عصا مستسلما للمقادير.. أمامه سبيل للسياحة كما فعل السندباد. وسبيل إلى دار البلخي. وثمة مهلة للتدبر..))(16).
قادته رجلاه نحو صخرة غريبة، في صورة قبة غير مستوية، كل متعلقاتها تدعو إلى العجب. يصدر منها صوت قوي يخاطبه، في أسفلها يوجد مدخل مقوس. تراجع مرتعدا من الخوف، رأى نورا هادئا عذبا، وتنسم رائحة زكية مخدرة فارتاح، خصوصا عندما دعاه الصوت الخفي إلى دخول الباب الذي سبق أن دخله البكاؤون من علية القوم. جذبته فتنة المكان وما يثيره من العجب ((منير بلا ضوء.. عذب المناخ بلا نافذة، متضوع بشذا طيب بلا حديقة.. أرضه بيضاء ناصعة قدت من معدن مجهول جدرانه زمردية، سقفه مزركش بمهرجان من الألوان المتناغمة، في نهايته بوابة متلألئة، كـأنما طعمت بالماس..))(17). تقدم شهريار نحو الباب ظانا منه بأنه سيبلغه في دقيقة أو دقيقتين ، لكنه مشى كثيرا دون أن يتغير الممر أو يتوقف عن الامتداد، بينما تتدفق الفتنة من كل الجوانب. فبدا وكأن الطريق بلا نهاية. وجد نفسه يقتحم المغامرة الجديدة، جعل يقترب من بركة صافية تقوم فيما وراءها مرآة مصقولة، وسمع صوتا يقول له افعل ما بدا لك، ولم يدرك أن الأمر يتعلق بماء الخلود ((فخلع ملابسه وغاص في الماء.. دلكته نبضات الماء بأنامل ملائكية وتسللت إلى باطنه أيضا.. خرج من الماء فوقف أمام المرآة فرأى نفسه جديدا في إهاب فتى أمرد، قوي الجسم متناسقه، بوجه مليح ينضح فتوة وشبابا، وشعر أسود مفروق))(18). ظن شهريار أنه مكث هناك ساعة، بينما هو مكث دهرا كما بدا من سخرية الصبية (ما أضعفك في الحساب !). وكانت المدينة السحرية قد انتظرته طويلا عريسا لملكتها العظيمة.

وتتصاعد نغمة العجيب داخل هذه المدينة الغريبة، إذ يجد شهريار نفسه في مدينة ليست من صنع البشر، شبيهة في جمالها وبهائها وأناقتها ونظافتها ورائحتها ومناخها بالفردوس. ليس بها سوى النساء الشابات الخارقات الجمال. وفي قصر الملكة آمن بأن قصره لم يكن سوى كوخ قذر. وتزوجها، وتبين له أنه لاكتشاف خبابا الحديقة في حاجة إلى ألف عام، وألف سنة أخرى لمعرفة أبهاء القصر وأجنحته. لكنه كما في ألف ليلة وليلة، بل وفي كثير من نصوص القصص الشعبي العجيبة إطلاقا، نذكر منها حكاية (الرجل ذو اللحية الزرقاء)، حرم عليه أن يفتح بويبا من الذهب الخالص مغلقا بقفل من الذهب المحلى بالماس. وكان قد مر على زواجه بالملكة مائة عام حسبها هو مجرد أيام معدودة، حين استسلم لنداء خفي، وعمد إلى فتح الباب المحرم، فانفتح بسهولة وبنغم ساحر وشذا طيب، بيد أن ماردا لم ير أقبح منه فاجأه بالانقضاض عليه وحمله بين يديه كالعصفور، وأرجعه إلى الأرض لينظم إلى فرقة البكائين.
ولعل هذا العالم السحري المدهش يفتح وعي المتلقي على التأمل والرغبة في إدراك حقيقة هذه المغامرة التخييلية، التي اجترحها نجيب محفوظ في روايته هذه. ولن يعجز عن التوصل إلى كون كل هذه المغامرة هي بمثابة تأمل داخلي في تجربة حياة ممتدة وحافلة بالخبرات. إنها ليست في الحقيقة سوى نتاج أوهام الحواس، وتصعيد للإحساس بعبثية الحياة، بعد ترسبات كل التجارب الكبيرة والخطيرة، التي مر بها شهريار أو تعرف إليها هو وغيره من بعض عامة الناس وأعيان سلطنته، كما أنها تجسيد للتأمل في الكيفية الناجعة لعيش هذه الحياة، لو منح شهريار فرصة لذلك مجددا. لهذا لم تنته الرواية بخاتمة مغلقة قطعية، بل توقفت عند خاتمة مبهمة مفتوحة على كل التوقعات الموعودة.
ويمكن اعتبار ذلك، هو المفتاح السحري للوعي بوظيفة العجيب في رواية (ليالي ألف ليلة) لنجيب محفوظ. فبعملية استجماع كل خيوط تجليات العجيب السالفة، المطروحة في الرواية بنوع من التكرار المؤكد لاستمرارية الفساد في الواقع، نلفيها تلتقي هنا عند رسالة جوهرية حمّلها المبدع روايته إلى المتلقي، تقول: إن الرواية تدخل دائرة العجيب من خلال ثنائية الخير/ الشر، استشرافا لمستقبل الإنسان. لاسيما وأن حقيقة مفهوم العجيب ذاته تحيل على المستقبل. فبهذا الفهم تطرح الرواية العجيب باعتباره سبيلا تطهيريا نحو أفق أحسن لمصير الإنسان في عالم اعتباري تسوده قيم الخير والعدل والحرية، مقابل عالم الرواية الراهن، الغارق في الاستبداد والفساد والفقر والظلم والنهب. ذلك أن العجيب الموظف في الرواية كان يؤدي إلى الانفراج حين استعمل في الخير، في حين عندما استعمل في الشر كانت النتيجة جميعها شرا. علما بأن مجموع شخوص الرواية الذين مروا بتجربة عجيبة شاقة وقاتلة، كانوا يندمون ويتوبون بعد فوات الأوان لأنهم يحاكمون ويعدمون، مما يحافظ على ديمومة الواقع الفاسد في فضاء الرواية. وفي هذا الصدد، لم تكن حكايات شهرزاد وعجائبها في البداية، سوى استباق لما تتحيز إليه الرواية، إذ كان الهدف من ذلك التعجيب ممرا خيرا وذكيا لإنقاذ صاحبته وإنقاذ العذارى من بنات جنسها من نطع وسيف السلطان شهريار، الكاره للمرأة الفاسدة بسبب تجربته المريرة معها. فكانت إطلالات شهرزاد بذلك مجرد استباق لما سيجري من دماء في مختلف الشرايين داخل جسد الرواية. وهو ما تأكد من حكاية معروف الإسكافي الذي ظل الوحيد في الرواية الذي لم يستعمل الأداة السحرية في الشر، بل أفاد من سمعتها خدمة ونصرة للجماهير، دون أن يضطر إلى قتل غيره أو الإساءة إلى أحد، لذلك جوزي بتوليته حاكم الحي، فهو الأنموذج المقبول للتبشير بالعلائق الإنسانية المثالية. وتلك واحدة من أهم وجهات النظر المكونة لرؤية العالم التي تومئ إليها رواية (ليالي ألف ليلة)، لهرم الرواية العربية نجيب محفوظ.
هوامـش

(1 نجيب محفوظ: ليالي ألف ليلة، مكتبة مصر، القاهرة، [د. ت.].
(2Voir :Introduction à la littérature fantastique. Ed. Seuil. Cl. Point. N° 73. 1970. P. 46 – 47
3) Ibid, P. 97
4) ليالي ألف ليلة، ص. 244.
5) المصدر نفسه، ص. 232.
6) نفسه، ص. 253.
7)Tzvetan Todorov: Introduction à la littérature fantastique. P. 59.
(8المصدر السابق، ص. 62.
(9نفسه، ص. 53.
10و 11) نفسه، ص. 268.
12) و 13) نفسه، ص. 269.
14) انظر عبد الله بن المقفع: كليلة ودمنة، تح. محمد حسن نائل المرصفي، ط.5، مطبعة مصطفى محمد بمصر، [د. ت.]، ص. 167.
15) ليالي ألف ليلة، صص. 272 ـ 277.
16) المصدر نفسه، ص. 285.
17) نفسه، ص. 286.
18) نفسه، ص. 287.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى