السبت ٦ أيار (مايو) ٢٠٢٣
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

الرجل الخفى وقصص أخرى

الرجل الخفى وقصص أخرى تأليف: جابرييل خيمينيز إيمان

1- الرجل الذى فقد قدميه

في أحد الأيام، دخل زوج من الأقدام فقدا سيدهما إلى حانة لتناول الجعة.

قال البواب:

 "معذرة". لا يمكنكما الدخول هنا بدون حذاء.

قالت القدمان:

 آه، هذا صحيح. ثم عادتا إلى متجر الأحذية. هناك تم الاعتناء بهما جيدًا - وجدا فردتى حذاء تناسبهما بشكل رائع. ثم عادا إلى الحانة، وكان البواب سعيدًا جدًا لأن القدمين أصبحتا الآن محميتين وأنيقتين.

كان الرجل الذي فقد قدميه يشعر بعدم الراحة لأنه يحتاج إليهما لشرب الجعة. وكان الوقت ظهراً وكان الجو حاراً جداً.

تمكن الرجل من الوصول إلى سيارة أجرة، وطلب منها أن تأخذه إلى حيث يريد أن يذهب. فلما وصل إلى باب الحانة قال له البواب:

 عفوا سيدي. لا يمكنك الدخول بدون قدمين.

قال الرجل:

 لا يمكنك أن تفعل هذا بي. من الصعب جدًا العثور على قدمين في هذه الساعة.

أجاب البواب:

 ليس الأمر صعبا. لقد دخلت قدمان إلى هنا مؤخرًا.

 إذن لابد أن تكونا لي. عادة ما نشرب الجعة في هذا الوقت. دعني أدخل.

أجاب البواب:

 لا أستطيع. من الأفضل الاتصال بهما. من فضلك انتظر هنا.

ذهب البواب للبحث عنهما واعتبر الرجل نفسه محظوظًا لأنه وصل إلى تلك الحانة. عندما عاد البواب والقدمان، لم يتعرف عليهما الرجل لأنهما كانتا ترتديان زوجا غريبا من الأحذية.

سال الحذاء:

 ماذا تريد؟

أجاب الرجل:

 أريد أن أعرف ما إذا كانتا تلكما قدمي. أحتاجهما لدخول الحانة.

بدأ االحذاء في فك رباطه.

ظهرت القدمان ودهش الرجل عندما رأى أنهما ليستا قدميه. دخلت القدمان إلى الحذاء وشعرتا بسعادة غامرة لأنهما لا تنتميان إلى لأحد، ورجعتا إلى الحانة.

أما الرجل فمازال غير قادر على شرب تلك الجعة.

2- جنة صغيرة

عندما أموت، لا أريد أن أذهب إلى جنة كبيرة، بمساحات شاسعة ووعود محققة. أنا لا أخدع نفسي وأنا أعلم أنني أستحق ذلك: لقد كنت جيدًا، لقد ضحيت بحياتي من أجل الآخرين ولم أؤذي أحدًا، ولا حتى عن طريق الخطأ أو الإهمال. لقد كنت وفيا لزوجتي لزوجتي وآمنت بالله اليوم قبل ذلك وبعده، وفوق كل شيء أؤمن بالرب القدير، وأن بعض أفراد عائلتي سيتبعونني.

من أجل كل هذا، عندما أموت، أطلب الذهاب إلى جنة صغيرة خاصة، حيث أقابل والدي وأمي مرة أخرى وأرى كيف يقبلان بعضهما البعض ويحبان بعضهما البعض، ثم أكون مرة أخرى في رحم أمي، وأمتص باستمتاع جنة إبهامي الصغيرة.

3- أسنان راشيل

قضمت راشيل التفاحة، وكانت كل أسنانها فيها. عادت إلى المنزل بفم دموي لتخبر أمها. جاءت الأم تركض خائفة للبحث عن أسنان راشيل، وعندما وصلت، أكلت الأسنان التفاحة.

أرادت الأم أن تلتقطها، لكن الأسنان خرجت وأكلت راشيل والأم.

عادت الأسنان لاحقًا إلى فم راشيل، التي كانت جائعة جدًا فأسرعت تطلب من أمها أن تشتري لها تفاحة.

4- سمكة نادمة

بكى فرانك تور كثيراً لدرجة أنه تحول إلى سمكة. ندم لاحقًا على البكاء لدرجة أنه كره أن يكون سمكة (في أعماق البحر ليس لدموعه قيمة)، ومن ثم، بسبب البكاء لكونه سمكة، أصبح فرانك تور اليوم رجل الأسماك الوحيد في الوجود، ويعتقد أنه لا يمكن العثور عليه مطلقًا لكى يُسأل عن سبب بكائه الكثير.

5- بين الملائكة

يطير ملاكان إلى الوراء، أحدهما من السماء والآخر من الجحيم، بالصدفة يلتقيان على سحابة، حيث يجلسان للراحة.

يسأل الآخر، القادم من السماء:

 إلى أين أنت ذاهب؟
 الى الجنة. وأنت؟
 إلى الجحيم.
 إذن ماذا نفعل هنا؟

قال الملاك القادم من السماء:

 حسنًا، لا شيء. أتخيل أنه يساهم في تقوية الطبيعة البشرية.
 نعم أتفق معك. رحلة سعيدة إلى الجنة إذن، يا صديقي.
 وأنت، أتمنى لك جولة لطيفة في الجحيم. أراك هنا عندما أعود،على هذه السحابة نفسها، أليس كذلك؟
 بالتأكيد.

6- فيضان
ذات صباح أيقظته المرأة التيسالية قائلة:
 حبي، لقد غمرتنا المياه.

أجاب تيساليو من بين أسنانه،وهو ينفخ ويتقلب في الفراش، وهو غير قادر على فتح عينيه:
 لا يهم. لقد سحبنا الماء وهدأ الأمر.

فأجابت:
 هذا مستحيل. نحن في البحر.

قال تيساليو دون أن يفتح عينيه:
 آه، فهمت.
وغرقا معا.

7- ألف قصة وقصة من سطر واحد

أراد كتابة ألف قصة وقصة من سطر واحد، لكن يكتب سوى قصة واحدة فقط.

8- الإيجاز

أنا مقتنع الآن بأن الإيجاز هو حلم بعيد المنال، خاصة عندما أقرأ سطرًا ويبدو لي أنه أطول من حياتي، وعندما أقرأ لاحقًا رواية وتبدو لى أنها أقصر من الموت.

9- إلى ما لا نهاية

فكر ذلك الرجل كثيرًا في اللانهاية لدرجة أنه نام واختفى بعد ظهر أحد الأيام.

10- الرجل الخفى

كان ذلك الرجل الخفى غير مرئى، لكن لم يلاحظه أحد.

(تمت)

المؤلف: جابرييل خيمينيز إيمان (كاراكاس، 1950) ولد جابرييل خيمينيز إيمان في كاراكاس بفنزويلا عام 1950. شاعر وروائي وكاتب مقالات ومترجم ومحرر. تُرجمت أعماله إلى عدة لغات و وأدرجت فى مجموعات مختارات من أمريكا اللاتينية وأوروبا.عاش في برشلونة لمدة خمس سنوات ومثل فنزويلا في الأحداث الدولية في أثينا وباريس ونيويورك والمكسيك وإشبيلية وسالامانكا وبورتو وبوينس آيرس وسانتو دومينغو وجنيف وكيتو. له في مجال القصص القصير: أسنان راكيل، 1973، يقفز فوق الحبل، 1975، 1001 قصة من سطر واحد، 1980، قصص من عالم آخر، 1988، المؤامرات الخيالية، 1990، السير الذاتية الغامضة، 1997، والصداع النصفي الكبير وحكايات أخرى قاسية، 2002م، و بعض الروايات، جزيرة الآخر، 1979 وحفل لا يُنسى (كوكب، 1991).، وغيرها من القصص والرويات والشعر والمقالات والترجمات من اللغة الانجليزية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى