احترس من هذا الشخص انه لا يحب الموسيقى
ويليم شيكسبير: احترس من هذا الشخص انه لا يحب الموسيقى
قال جبران خليل جبران 6 يناير 1883 – 10 أبريل 1941: "المرأة التى يصفو مزاجها، بتناول القهوة والشِعر والموسيقى، هى امرأة لا يقهرها، أو يهزمها شئ ".
ومن حسن حظى، أننى أنام وأصحو، فى مدن القهوة، وموانئ الشِعر، وشواطئ الموسيقى.
من حسن حظى، أننى منذ بدأت رحلة الاعتكاف، قد زهدت كل المتع، الا القهوة، والشِعر، والموسيقى.
21 يونيو، هو اليوم العالمى للموسيقى، حيث تحتفى الشعوب بواحدة من عجائب الدنيا، التى تحمينا من بؤس العيش، وعبث الأقدار.
الرحيل عن هذه الحياة، نعيم ما بعده نعيم، لمنْ كشف النوايا المستترة للبشر، فض غشاء الكذب والزيف، ورأى الوجه العارى للحقيقة، مهما تجملت وتحايلت.
ومع ذلك، سأظل متشبثة بالحياة، ليس حبا فى العيش. ولكننى أكره الرحيل دون أن أسدد ديونى. وأنا " مدينة " لها، حتى النفس الأخير، والى آخر قطرة فى دمى.
ماذا أقول عن "الموسيقى"؟. وكيف أصفها؟.
"أفضالا عليا".. "مغرقانى بكرمها".. "أنقذتنى من اغواء الرذائل"..
"تصد هجمات الأرق النائمة " على وسادتى.. "عند المرض هى الدواء ".. تحررنى من قبضات الضجر".."تعد لى قهوة الصباح".. وفى سرادقات العبث تصبح العزاء.
ما يؤلمنى حقا، أننى سأعيش وأموت، دون تقديم "الامتنان" الذى تستحقه.
وفى محاولة متواضعة، حتى لا ننسى، اختير 21 يونيو، ليكون يومها العالمى.
هى الساحرة، تحول الممكن الى مستحيل، واليأس الى رجاء، والتراب الى ذهب، والوحش المفترس الى حمل وديع ".
أنقذتنى "الموسيقى" من الجنون، والانتحار، والنزول حافية الى الشارع، بصرخات وآهات تقطع سكون الليل، أتسول لقمة من الود والحنان.
ما سر الموسيقى، الذى يفهمه كل الناس، ولا يحتاج الى ترجمة؟.
انها اللغة بدون لغة، والكلمات دون حروف. انها البرق، والرعد، و قطرات المطر، وهى الهدوء والسَكينة وزوال الخطر. هى نبضات القلوب، ودقات القدر، ربما هى الوطن، والأرض، وقد تكون الطيران وأجنحة السفر، تذيب جلمود الصخر، وتفلق صلابة الحجر.
عشاق الموسيقى، من النساء والرجال، بالضرورة، لهم "جينات" خاصة جدا، تظهر فى انفتاح التفكير، ورقى السلوكيات، ورحابة الثقافة، واحترام تعددية الأصوات، والنفور من انتهاك خصوصيات الآخرين، ورفض أى نوع من الوصايا على
البشر.
حسب كلمات فريدريك نيتشه، 15 أكتوبر 1844 – 25 أغسطس 1900، فيلسوف القوة الذى أعشقه، "الموسيقى تمجدنا، تحررنا، تقود أفكارنا الى الأسمى ". وهو أيضا، الذى قال أن أى تغيير فى العالم، لن يحدث الا عن طريق الموسيقى.
لا عجب أن أصحاب الأفكار الظلامية، المتعصبة، المتطرفة، أحادية التفكير، رافضة التنوع والاختلاف والتعددية، مخترعى الارهاب الدينى الدموى، أو ارهاب التشنج، والزعيق، والتشويح بالأيدى، وبالشتائم، لا يكرهون شيئا مثل الموسيقى،
بعد كراهيتهم للنساء.
عالمنا المعاصر يجهض كل تناغم راقى الانسانية، ولا تطربه إلا النغمات "النشاز".
والنتيجة أنه عالم تعس، ضلّ الطريق إلى ما يطهر النفوس من عزلتها الموحشة، وإلى ما بإمكانه أن يعيد للبشر تواصلهم، بعد حصار الكذب، والشهوات الزائلة، والجشع.
والتغيير لن يحدث، إلا إذا تحولت الموسيقى، من مجرد سلعة للاستهلاك المؤقت، إو مهنة في سلم الوظائف، أو أداة للترفيه، أو مناسبة لعقد المهرجانات، إلى "عادة" نفسية، واجتماعية يومية، نمارسها دون جهد، مثل التنفس، والحركة، والاشتياق الى الحرية، والعدالة.
إن المعزوفة الموسيقية، أسعدتنا، لأنها كشفت الموسيقى التي بداخلنا.
إن الإقبال على الحياة، الذي تصنعه معزوفة موسيقية، معناه أننا أصبحنا أكثر اقتراباً، من طاقة الحياة بداخلنا. وهكذا نصبح " خطرا " على منْ يريد أن يقمعنا، ويخمد طاقة الحياة التى أوجدتها الموسيقى، أو الفن بشكل عام.
قرأت فى المواقع الاسلامية على الانترنت، أن أهل العلم قد أفتوا بتحريم الموسيقى، لثلاثة أسباب: أولا، لأن الاستماع الى الغناء وأصوات الآلات الموسيقية، وسيلة الى الزنا، لأنها تحرك كوامن الشهوة فى النفس. ثانيا: أنها تشغل عن ذكر الله، فلا يجتمع فى قلب المؤمن حب القرآن، وحب كلام الشيطان. ثالثا: الغناء تحديدا ينبت النفاق فى القلب.
ما هذا التفكير، ونحن فى القرن الواحد والعشرون؟؟.
الأديبة جين أوستن 16 ديسمبر 1775 – 18 يوليو 1817، كتبت: " لا أستطيع تخيل العالم بدون الموسيقى.. العالم بدون موسيقى يبدو لى فارغا".
