إلى الكتّاب والشعراء والمثقفين والفنّانين الفلسطينيين وكل من يعنيهم الأمر ، فلسطينياً ، وعربياً
بمزيد من الاستخفاف ، والبعد عن المسؤولية تجاه ثقافة شعبنا الفلسطيني ، انعقد في القاهرة مؤخراً مؤتمر تحت عنوان ( المشروع الثقافي الفلسطيني واستراتيجية المستقبل ) ، بدعوة من المجلس الأعلى للتربية والثقافة ووزارة الثقافة في السلطة الفلسطينية ، واصدر المؤتمر بياناً ينتمي إلى لغة عصور الانحطاط ، والهزيمة .
وقد زعم من ارتجلوا هذا ( المؤتمر) أنهم يمثلون الثقافة الفلسطينية في الوطن والمنفى ، رغم أن بعضهم ينتمون إلى شريحة أشباه المثقفين ، متجاهلين تماماً كبار المبدعين ، والمثقفين ، والفنّانين الفلسطينيين ، حيث لم يستشاروا في الأمر ، ولم توجّه لهم دعوات لحضور هذا المؤتمر العجيب ، وقد حاول المشرفون على المؤتمر التغطي ببعض المبدعين الفلسطينيين ، ولكن دعوتهم بعض مثقفي ( التأسرل) ، ودعاة التطبيع فضح موقفهم السياسي ، والثقافة التي يدعون لها. وقد تم في البيان الصادر عن ( المؤتمر) تجاهل كل ما يتهدد القضية الفلسطينية راهناً : مؤامرة تصفية قضية اللاجئين وحق العودة ، ودور المثقف الفلسطيني في مواجهة الخراب والتدخل الأمريكي الفظ الهادف لشق صفوف شعبنا ، والدفع به إلى كارثة اقتتال داخلي ، ودور المثقف العربي في مواجهة الإقليمية والطائفية والمؤامرات العربية الرسمية على فلسطين القضية القومية ، وتجاهل أن قائد السلطة ياسر عرفات محاصر في رام الله ، وكل هذا وغيره ينسجم مع الهيمنة ( الإسرائيلية) الأمريكية الثقافية ، واستراتيجيتها لتخريب الثقافة العربية .
إن خطورة ما حدث ، وما يرمي إليه من قاموا على هذا المؤتمر تدفعنا إلى التنبيه إلى الحقائق التالية :
أولاً : إن غياب الديمقراطية في المؤسسات الفلسطينية التي نشأت بعد اتفاقيات ( أوسلو) في السلطة الفلسطينية هي اصل الداء والسبب في الفساد الثقافي ، وهدر المال العام لتحقيق مآرب شخصية ، المال الذي يفترض أن يسخّر لخدمة ثقافتنا الوطنية المقاومة ، الثقافة التي توحّد شعبنا داخل الوطن وفي المنافي .
إن الكلفة المالية الهائلة التي صرفت على هذا المؤتمر البائس والذي دعي له الأقارب ، والأصحاب وزوجاتهم يؤكد صحّة استنتاجنا ، وإدانتنا لمن خططوا بأنانية ، وضيق أفق وانتهازية لهذا المؤتمر .
ثانياً : الخطير في هذا المؤتمر هو اغتصاب التمثيل الثقافي الفلسطيني ، وشق وحدة الحركة الثقافية الفلسطينية ، حيث تمّ تجاوز كل الخطوط الحمراء من قبل رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة والذي أراد من المؤتمر أن يكون احتفاءً باستيلائه على المنصب ، وعرساً شخصياً في غيبة كبار مبدعي الشعب الفلسطيني .
إننا نؤكد على أن هذا المؤتمر لا يمثل المثقفين الفلسطينيين ، ولا يمت للثقافة الفلسطينية بصلة . فمن يعقد مؤتمراً يغيب عنه إدوارد سعيد ، وهشام شرابي ، وسلمى الخضراء ، وهارون هاشم رشيد ، ويوسف الخطيب ، ومريد البرغوثي ، وشفيق الحوت ، وإسماعيل شموط ، وإبراهيم هزيمة ، وعزمي بشارة ، والدكتور أنيس صايغ ،وبيان نويهض الحوت ، وعبد الباري عطوان ، وبلال الحسن ،ومحمد القيسي ( والذي لم يكن الموت قد اختطفه منّا) وباتريك لاما ، وحسين نازك ، وعبد الرحمان أبو القاسم ،وليلى الأطرش ، ويوسف اليوسف ، وخيري منصور ،وعبد القادر ياسين ، وناجي علوش ، ومنير شفيق ، والدكتور حسام الخطيب ، وخالد علي مصطفى ، وحسن حميد ، ومبدعو غزة والضفة وفلسطين ال48 ، وغيرهم وغيرهم لا يمثّل الثقافة الفلسطينية ، ولكنه يسرق دوراً وينتحل صفةً هو غير جدير بها .
ثالثاً : يستخدم البيان الختامي لغةً محنطةً تتّسم بالازدواجية، والتي تفضحها الهوة الواسعة بين القول والفعل ، والتي لا صلة لها بلغة وفكر المقاومة ، وروح الانتفاضة ، وجوهر الحداثة ، والاستشراف الحقيقي للمستقبل ، ناهيك عن الجهل بالواقع . وهذا يعود إلى نوعية بعض المدعوين ، وطريقة تفكيرهم المعادية للمقاومة المسلحة ، والتي تنطلق من مصالح شخصية ، ومن حالة الانكسار التي تهيمن على تفكيرهم ، وما على من يقرأ بياننا سوى تأمل أسماء المدعوين للتيقن مما نقول . . رابعاً : لقد تجلّى السلوك الانتهازي الشخصي في اختيار بعض المدعوين العرب لمآرب شخصية صغيرة ، وتمّ تجاهل رموز الثقافة العربية الكبار المشهود لهم ، وفي هذا السلوك تطابق مع عقلية سياسية ارتهنت توجهاتها لبعض نظم الحكم العربية .
خامساً : إن الاستقواء بالقاهرة بما تمثّله شعبياً ، واختيار تاريخ 23 تموز لعقد المؤتمر البائس ، والتلطي بذكرى ثورة تموز الناصرية ، ومن قبل أشخاص لا صلة لهم بهذه الثورة وما تمثّله ، وهو ما يدلّل على الانتهازية ، ومحاولة تمرير أمور ، وأطروحات تضليلية خطيرة باستغلال القاهرة العزيزة على قلوب العرب وذكرى ثورة يوليو الناصرة ، وهذا ما عجز عن تمريره من بددوا المال العام لمآربهم ، بحيث إن كتّاب مصر ، ومفكريها ، ومبدعيها قاطعوا المؤتمر وأهملوه ، ولم يزر من قضّوا الوقت بالثرثرة مع أسرهم أحد ، وهذا ما يقتضي منّا شكر رموز الحركة الثقافية والفنيّة والفكرية المصرية الذين يعرفون جيداً من هي الحركة الثقافية الفلسطينية ، ومن هم رموزها .
سادساً : إننا نذكّر بأن الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين مجمد منذ عام 87 عن سابق عمد وإصرار ، وفي غيبة الاتحاد ، والاتحادات الفلسطينية ( اتحاد الفنانين الفلسطينيين وغيره ) تتم عملية التزوير والانتحال ، ويواصل من أشرفوا على وزارة الثقافة الفلسطينية طيلة تسعة أعوام دون إنجازات تذكر تبديدهم للمال والجهد للانتفاع الشخصي المفضوح .
إننا نعلن بأننا ونحن نرى تجاوز هؤلاء المستهترين بالحركة الثقافية الفلسطينية ، وتزوير وجهها ، وتسفيه دور المثقفين الفلسطينيين المشهود لهم بالعطاء المتفوّق ، والتضحيات ، ومشاركة شعبهم ميدانياً في كل معاركه ، هم الذين قدّموا الشهداء ، والذين برهن كثير منهم على عظمة دور المثقف العضوي ..بأننا سنبدأ التحرك مع كل زملائنا داخل الوطن وفي المنافي لتنظيم صفوف الحركة الثقافية الفلسطينية ، والإسهام في إعادة الهيبة لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي غيّبت ، والتي يزوّر وجهها ، واسمها ، وتاريخها .
إن بياننا هذا هو بمثابة نداء إلى كل مبدعي شعبنا حيثما كانوا ليروا إلى أي درك هوى بعض الأشخاص الانتهازيين المتقلبين .
وهذا البيان هو نذير لشعبنا ليتنبه إلى من يقفزون على حق اللاجئين في العودة إلى وطنهم ، ومن انتفعوا من الرئيس عرفات كثيراً ثمّ لم يشيروا إلى انه ( أسير) في رام الله ، ناهيك عن توقفّه عند مخاطر ما تسمّى بخارطة الطريق ، وتغييب دور المثقف الفلسطيني في تصحيح المسارات الخاطئة الكارثية التي تنتهجها السياسة الرسمية الفلسطينية !
وهذا البيان تنبيه إلى المثقفين والمبدعين العرب ليتنبهوا إلى محاولات التزوير التي يقوم به نفر من الكتّاب الفلسطينيين الذين هم التعبير المناسب عن الحالة السياسية الرثّة ، والمنسجمة مع الهجمة الأمريكية والصهيونية على وطننا ، وقضيتنا ، وامتنا .