الأحد ١٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧

أمسية أدبية للكاتبة دينا سليم والشاعر سعد حمزة

بقلم : سوار مطانس - أستراليا

أقيمت في قاعة بلدية بريسبان في ولاية كوينزلاند الاسترالية في الثامن والعشرين من أيار مايو 2007 أمسية أدبية للروائية دينا سليم، والشاعر سعد حمزة بمناسبة فوزهما بجائزة (ناجي نعمان للثقافة لعام 2007)، عن القصة القصيرة للكاتبة دينا سليم، وعن الشعر للشاعر العراقي سعد حمزة.
والاحتفال أيضا بصدور الرواية الجديدة للروائية دينا سليم (تراتيل عزاء البحر) من (دار العودة ببيروت).

حضر الأمسية جمهرة كبيرة من الأدباء الأستراليين، والجاليات العربية والأجنبية الأخرى، واستهلّت الأمسية بتقديم في اللغة العربية والانجليزية الموهوبة المبدعة مرلين مارون في كلمة حيّت فيها الحضور بكلمة جاءت فيها:

أهلا وسهلا بأمسيتنا الأولى من نوعها في ولاية (كوينزلاند) حيث تستمعون الى لغة الابداع المحمولة في قلبيّ كاتبين عبرا كل القارات وهما حاملان على أكتافهما ما تبقى من الانطلاقة الأولى في الوطن الأم ...

وحيا الشاعر العراقي سعد حمزة الحضور بكلمة قال فيها:

هناك في التخوم البعيدة تركنا أشياء الحبيبات الجميلة، هناك في وطن الأم حيث الموت اختيارا، تركنا براءة الأطفال الذين ينامون ويصحون على صوت الانفجارات، هناك في بلد الموت المجاني وبساطيل الاحتلال، لا أحد يعرف وجه الآخر إلا في زحام المستشفيات، أو في صناديق التوابيت، أو في مراسم العزاء. هناك صار العالم أصغر من كرة بيضوية فاسدة، لا دخول اليها ولا خروج منها الى شمس الحياة، هناك لم يتبقَ في جعبة الزمن المذبوح إلا صوت الكلام الممزوج بالدم القاني

واستذكر الشاعر سعد حمزة مقطعا من قصيدة للشاعر محمود درويش حيث قال فيها:" لا أرض تحتي لأموت فيها كما أشاء ولا سماء فوقي كي أثقبها وأدخل خيمة الأنبياء"، وأضاف الشاعر سعد حمزة:

هناك كل الجهات تآمرت عليك يا ابن أكد وآشور وسومر، وقل هم يأتوك من كل فج عميق كي يذبحون فيك الحياة، لكن هناك ينمو جنينك العالي فوق بذاءتهم فوق كذبتهم، ويبقى اسمك يا ابن الحضارات راية تعلو فوق كل الرايات لأنك انسان العراق.

ثم ألقت الروائية دينا سليم كلمة جاء فيها:

الحضور الكريم، أهلا بكم.
نلتقي هنا، في بقعة ما من بقع العالم الآمن كي أنقل لكم بعض ما يتخبط ثنايا عقلي.
أشعر الآن أني ابنة اليوم، وأن الأمس أصبح معلقا في أجندة ذاكرتي، اليوم هو أنا، والأنا خاصتي هو ما أملك من قوّة العطاء!
هذا وجهي الذي لا تعرفونه، وهذا قلمي الذي أغلفه بأطيب الكلمات، ووجعي الذي يلبسني محتارا بين عالمين متناقضين.
يطيب لي ومسرورة بأن ألتقي بعضكم ولأول مرة في (بريزبن) التي أحب، والتي منحتني القدرة على التفوه والتحدث بحرية.
زميلي الشاعر سعد حمزة، أنا آسفة يا زميلي على ما يحدث في عراقك الجميل، آسفة جدا، على ما يجري في بلادي، وأخجل من العالم الدموي الذي يتأبط سكين الموت، أخجل منكَ يا شرقي العزيز، وأخجل من كوني آدمية، فقد تعدّت الآدمية على شؤون الحيوانات.
لذلك نحن هنا، ربما كنا اثنان فقط، لكن سنصبح أكثر في المستقبل القريب، وأنا جد واثقة من أن البناء الآمن يبدأ بلبنة واحدة، سنبقى نبني، فالعالم الآمن بحاجة لبناء، والثقافة في خطر، وعاهدتُ نفسي وحياتي أن أكون رهينة الكلمة الابداعية، أريد اليوم أن يسمعنا جميع البشر، لأننا معا سنعلن عن استنفارنا واستهجاننا بالحاصل، سنحكي ضد العنف في العالم، ضد السخرة، ضد الظلم، ضد الحروب، وضد سفك الدماء. نحن لسنا في مسيرة حرب، بل هي مسيرة الكلمة الجميلة التي استبدلناها بالسلاح المدمر، الكلمة الواثقة النابعة من القلب حتما تكون أكثر قوّة.

وترجمت النصوص كاملة المحامية سوار مطانس إلى الانجليزية وقرأتها أمام الحضور الأسترالي، ثم قدّمت الشاعر سعد حمزة فقرأ إحدى قصائده (المؤجل) فيقول فيها:

روضة الورق المبحوح
على الغناء الأخرس
فتعالى صمته
حتى تكسّرت آلات السلم
كان التصفيق
وصل الزبى
فترنّح المشهور
فوق ركام المشهد
الذعر
أصاب جثث الوقوف
فصار الزحام على المدفن
لا تقرأ أيها العابر تراتيلك
فالمسرح يعج
بسيوف أعدّت لقتلك

أتحفت الموهوبة الصغيرة مرلين مارون الحاضرين بكلماتها الشفافة، ثم قدّمت الكاتبة دينا سليم لتقرأ لنا مقطعا من إحدى قصصها الفائزة بالجائزة باللغة الانجليزية، ومقطعا آخر من روايتها الجديدة (تراتيل عزاء البحر):

تعود بعد غياب، تحلّق في سمائي ولا أراك، تومىء لي بيدكَ، أشعر بها تلامس خدي بحنان، وبسحر لمستكَ تفقد عيناي دمعتان. ليل يعقبهُ ليالٍ فلا خيار لي سوى الإنتظار، الأيام توحي لي بقربكَ وتليها سنوات تتعطل فيها الخطوات ويستحيل مداها الى مسافات.

أراكَ عبر نافذتي، تجانحها سروة خضراء، أغصانها تحاذي الفضاء، ومن بين كفيها تأتي بوجهكَ. تحمل غبار اسمكَ، ترسمهُ على الزجاج. تأخذ يدي بيدكَ، تشدني إليكَ حافية القدم والأخرى تنتعل حذاءً، لا صبر لديكَ... تراقصني في الهواء. كم وددتُ لو ينحرف كوكبنا، يفقد توازنه ويأخذ مسارا جديدا! لكن كل ما همني الحذاء... بحثتُ عنهُ ولما وجدتهُ علقتُ خلف نافذتي. زارها المطر ماسحا اسمكَ وصدى روحكَ يتغلغل في مخدعي...

ثم قرأ الشاعر سعد حمزة بعض قصائده الفائزة بالجائزة، وفي قصيدة تحت عنوان (رسالة الى بوذا) جاء في مقطع منها:

ولدتُ قبلك
لكني تأخرت في شوارع
المخاض
أنت خلقت من أسفلك
الى فوقك
وأنا هبطت بمعطف
إله
جلال الضوء
كان في يدي
قبل بدء الحواس
وأنت!
ما زلت تتمرن
في ملعب الظلام
مراكب السؤال
ما زالت في بحر ظلماتك
وأنا أدرب
البر على جواب الأمان

وقرأت الكاتبة دينا سليم مقطعا من روايتها الأولى (الحلم المزدوج) ( دار العودة):
" نظراته تلمس جسدها، تخترقه، تحس بقشعريرة ما، تلفحها نسمة محمومة، تدفن شفتيها المغريتين، يتناثر شعرها في الهواء، يتسربل معانقا الفضاء، المياه تبلل ثوبها، فتكشف عن نهديها، لم يكف عن البحث، أصبحت شغله الشاغل، لن يستسلم لاختفائها، لن يسمح لها بذلك، حتى جاء اليوم المنتظر..."

ثم فُتح مجال للحوار، أدار الحوار الآنسة سوار مطانس، ثم أختتمت الأمسية مارين مارون بكلمة باللغة الانجليزية أسرت بها الحضور، تعدهم باستمرار هذه الأمسيات. تخللت الأمسية بعض التوقفات لتناول بعض الحلوى على أنغام صوت فيروز الذي أسر قلوب الحضور الأسترالي.

بقلم : سوار مطانس - أستراليا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى