أكاديميون وفنانون أردنيون يطالبون بمراجعة جذرية للندوات النقدية والفكرية.
يواصل مهرجان المسرح الأردني الثالث عشر تكريسه للندوات الفكرية والتقييمية كجزء أساس من برنامج المهرجان، وهو ما يحسب لصالحه حيث الإهتمام بالمسرح كعلم وتنظير ونقد يمكن أن يساهم في تطوير حركة المسرح الأردنية والعربية.
وقد رأى أكاديميون وفنانون أردنيون - ونظرائهم من العرب رافضين التصريح- ضرورة مراجعة حال الندوات النقدية والفكرية التي تراجعت هذا العام مبدين جملة من الملاحظات الأساسية والمحورية والتي تحتاج النظر فيها من قبل إدارة المهرجان ووزارة الثقافة.
واعترض هؤلاء الأكاديميون الفنانين على مستوى الأوراق المقدّمة، وسوء تنظيم وإدارة الندوات النقدية، أو اختيار المحاور المناقشة، أو في مخالفة المنهجية العلمية للأوراق المقدّمة.
أستاذ المسرح في الجامعة الأردنية ومسؤول الندوات في المهرجان د. عمر نقرش اعتبر أن موضوع الندوة الفكرية "الممثل في المسرح العربي مبدعاً" وبالرجوع إلى الأوراق المقدمة يلاحظ أنها تحوم حول الموضوع ولا تدخل في صلبه، وانها تفتقر إلى أصول البحث العلمي.
ودلل نقرش على رأيه فقال: "إحدى الأوراق المقدّمة تناولت ثنائية اللغة واللهجة عند الممثل، ولكن متن الورقة ومضمونها اقتصر على النص، وطرح إشكالية من المفترض أنها حسمت وتمّ تجاوزها، مع أن الباحث من خلال بحثه يهدف إلى تشجيع اللغة العامية في ااكتابة والتمثيل مبرراً ذلك بمبررات لا علاقة لها بالمسرح في الدرجة الأساس مثل القومية العربية والوحدة الثقافية، علماُ بانه من المتعارف عليه أن استخدام اللهجة العامية له مبرراته التي تكاد تنحصر في المسرح التجاري الكوميدي الذي يسمح بالارتجال وكسر الإيهام، والاقتراب من الواقعية وتحقيق الخصوصية والتفاعل مع الجمهور.
وأوضح نقرش أن الإفتقار لأصول البحث العلمي يكمن في عدم تحديد المشكلة المراد مناقشتها وعدم تحديد اهداف للورقة المقدمة وعدم موائمتها للعصر، وكذلك الحال بالنسبة للتوثيق ومناقشة الأوراق المقتبسة وعدم الوصول إلى نتيجة.
وفيما يخص الورقة المقدّمة بعنوان "الإرهاصات الأولى في فن الممثل العربي" فأشار نقرش إلى أنها مجرد مسح تاريخي لا أكثر، علماً بان ما هو مطروح في البحث والمتوفر في المصادر الكثيرة لم يستفد منه المسرح العربي باستنباط أسلوب للتمثيل ولم يتم التنظير لمدرسة تمثيل خاصة.
وأضاف نقرش أن في الورقة خلط بين المفاهيم مثل الأسطورة والحقيقة والخيال، كما كان من المفترض أن هذه الندوات هي حلقة نقاشية لكن مقدّم الورقة سردها حرفياً على المستمعين دون تلخيص للأوراق أو إثارة للنقاش حولها.
بدوره اعترض أستاذ المسرح في الأردنية والكاتب د. مؤيد حمزة على وجود تيار في الوسط المسرحي ممن لا يحمل شهادة علمية وبدلاً من التعاون مع الأكاديميين المسرحيين الحقيقيين من اجل تطوير المستوى العام للعروض المسرحية يسعى هذا التيار إلى تعرية الأكاديميين من خلال الإصرار على دعوة أناس لا يوجد مبرر لوجودهم في الوسط الأكاديمي على الإطلاق وفي كل مهرجان.
وشدّد حمزة على اهمية وجود لائحة سوداء لدى مديرية المسرح بحيث يوضع في هذه اللائحة من يأخذ فرصة ويسيء إلى زميله الفنان بتقديم عرض سيء أو ورقة عمل سيئة في الندوات الفكرية على سبيل المراجعة واخضاع الأداء للتقييم والنقد بشفافية وصراحة.
ونوّه حمزة إلى وجود لائحة سوداء - لكنها غير معلنة- وضع فيها من اعتاد النقد، محتجاً على المستوى المتدني للندوات التقييمية التي تحولت إلى حلقات لكيل المدح والثناء وتوطيد العلاقات بدلاً من أن تكون مجالاً للعصف الذهني وإلقاء الحجارة في المياه الراكدة.
واحتج حمزة على ابتعاد الأوراق المقدّمة عن مفهوم العلمية في البحث وطرح الأفكار، فلا تفرّق بين القصة والأسطورة أو تنسخ نسخاً عن كتب فقيرة المرجعية، ومتواضعة من حيث القيمة العلمية، وتضع قائمة طويلة من المراجع الإنجليزية بغرض التزيين.
وأشار حمزة إلى عدم وجود محور محدد يجمع بين الأوراق النقدية وهو ما يؤشر على ان هذه الندوات قد نظمت على عجل ودونما تخطيط، إضافة إلى تدني مستوى الأوراق المقدّمة يسيء لكل مثقف وفنان في هذا البلد الغني بمبدعيه.
أما الفنان والمخرج مصطفى أبو هنود فرأى ان الندوات جزء من الحالة العامة للمهرجان فإذا كانت الحالة متوازنة فالندوات بالضرورة ستكون كذلك.
وسجلّ ابو هنود ملاحظاته حول الندوات معتبراً ان هناك سوء في تنظيمها وإدارتها، وأن الظروف التي كانت تنظم فيها بمهرجانات سابقة أفضل بكثير، كما أنه لم يجر الإتصال بالمعنيين من اجل حضورهم إثراء للندوة وتسويقاً لها لتوسيع الإستفادة.
وختم أبو هنود بأن كل عنوان من عناوين الندوات الفكرية يحتاج عدة ندوات لتغطيته، وأن هذه الكثرة في القضايا المعالجة تشتت المتلقى وهو ما يجب إعادة النظر فيه.