الأربعاء ١٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥

«ومضات بين فكر وقلب» لنصري الربضي

يضم كتاب "ومضاتٌ بين فكرٍ وقلب" للدكتور المهندس نصري الربضي، عددا من النصوص المرتبطة بمراحل زمنية مختلفة يجمعها عدد من القيم والمواقف الحياتية التي عاشها المؤلف بنفسه، أو على الأقل عاينها مع المحيطين.

ويتحدث الربضي في مقدمته للكتاب الصادر حديثا عن "الآن ناشرون وموزعون" قائلًا: "ما أَجْمَلَ أن تَبْدَأَ رِحْلَةَ الكِتابَةِ مِن لَحْظَةٍ عَفْوِيَّةٍ، لتَتَحَوَّلَ إلى شَغَفٍ يُلْهِمُكَ ويُلْهِمُ الآخَرِينَ! يَبْدُو أنَّنِي وَجَدْتُ في الكِتابَةِ مُتَنَفَّسًا للتَّعْبِيرِ عَنْ مَشاعِرِي وأَفْكارِي، وها هِيَ تِلْكَ الوَمَضاتُ الَّتِي عِشْتُها تَتَحَوَّلُ إلى كِتابٍ أَرْجُو أن يُلامِسَ قُلُوبَ القُرَّاءِ".

ويعرب الربضي عن ذلك الدافع الذي جعله يجمع تلك المقالات في كتاب، ألا وهو تشجيع القراء بعد قراءتهم لأولى مقالاته على "فيس بوك".

ويتابع الربضي في المقدمة: "الكِتابُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ -عَزِيزِي القَارِئ- هُوَ نتاجُ وَمَضاتٍ مَرَرْتُ بِها خِلالَ سَنَةٍ وَنَيِّفٍ، جَاءَتْنِي فيها هَذِهِ الخَواطِرُ بأَوْقاتٍ مُخْتَلفَةٍ مِن سَاعَاتِ اليَوْمِ، فَدَوَّنْتُها عَلَى شَاشَةِ هاتِفِي كُلَّما وَأَيْنَمَا تَفَاعَلَتْ حَواسِّي.. في غُرْفَةِ نَوْمِي خِلالَ سَاعَاتِ الصَّباحِ الباكِرِ، أَوْ في حَدِيقَةِ البَيْتِ، أَوْ في زَوايَا النَّادِي الرِّياضِيِّ الَّذِي أَقْضِي فيهِ سَاعَات قَبْل الظُّهْر".

ويصف الربضي مقالاته التي ضمها الكتاب بأنها دفعات من الكتابة العفوية، ويختتم مقدمته قائلًا: "هَذا الكِتابُ هُوَ نتاجُ تَفاعُلي مَعَ الحَياةِ، وهُوَ انْعِكاسٌ لرُؤْيَتِي الخَاصَّةِ للْعَالَمِ مِن حَوْلي. ولا شَكَّ أَنَّ القُرَّاءَ سَيَجِدُونَ في كَلمَاتِي صَدًى لتَجارِبِهِم الخَاصَّةِ، ما سَيَجْعَلُ كِتابِي هذا جِسْرًا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ".

وقبل أن يبدأ الربضي القسم الأول من الكتاب يضع نصًّا أقرب إلى الجسر الذي يعبر عليه القارئ من المقدمة إلى أقسام الكتاب الأربعة؛ نصّاً يحمل روح الشعر متدثِّراً بروح الحنين، يبدأه قائلًا:

"أَحِنُّ إلى عِشْقِنا القديم البريء، براءةَ ورودِ الصباح وفراشاتِ المساء..

إلى عشقِ ساحاتِ المدارس، وشغفِ الطرقاتِ إليها في الصباح وعندَ العودة..".

ويأتي القسم الأول تحت عنوان "عمّان خلال الخمسينيات وحتى أواخر السبعينيات"، ويتحدث في نصوص هذا القسم عن ذكرياته مع بعض الشخصيات في ذلك الشطر من حياته، ومنها تلك الفاتنة التي أسرت لبَّه في سنوات مراهقته الأولى.

لم يترك الربضي أحداً ممن كان له بصمة في روحه إلا وذكره في تلك المقالات، ومن هذا مقال بعنوان "والدي"، ويقول فيه: "عَمِلَ أَبِي فِي الْجَيْشِ الْعَرَبِيِّ بَعْدَ أَنْ هَجَرَ الْفِلَاحَةَ وَالزِّرَاعَةَ، فَقَدْ كَثُرَتِ الْأَفْوَاهُ، وَلَمْ تَعُدْ عَوَائِدُ الْأَرْضِ الزِّرَاعِيَّةُ كَافِيَةً لإِطْعَامِ الْأَفْوَاهِ الْجَدِيدَةِ، حَيْثُ كَانَتْ مسَاحَةُ الْأَرْضِ ثَابِتَةً إِنْ لَمْ تَكُنْ تَتَنَاقَصُ. لَمْ يَكُنِ الْعَمَلُ فِي الْجَيْشِ فِي مُتَناوَل الْفَلَّاحِينَ فِي ذَلكَ الْوَقْتِ إِلَّا لمَنْ لَهُ وَاسِطَةٌ فِي قِيَادَةِ الْجَيْشِ، وَالَّتِي انْتَقَلَتْ إِلَى مَوْقِعٍ جَدِيدٍ فِي مَنْطَقَةِ الْعَبْدَلي".

ويأتي القسم الثاني بعنوان "في أرضِ الكِنانةِ مصر"، وفي هذا القسم تناول المؤلف ذكرياته في مصر، في أثناء دراسته الجامعية، وتلك الأماكن التي زارها أو تعامل معها لتخليص بعض الأوراق، مثل مجمع التحرير.

وفي مقال بعنوان "قسم الطيران" راح الدكتور الربضي يعرف بذلك القسم في كلية الهندسة بجامعة القاهرة قائلًا: "قِسْمُ الطَّيَرَانِ في هَنْدَسَةِ القَاهِرَةِ فِي سِتِّينياتِ القَرْنِ المَاضِي لَمْ يَسْتَقْطِبْ فَتَيَاتٍ بِجَمَالٍ ظَاهِرٍ. جَمَالُ فَتَيَاتِ قِسْمِ الطَّيَرَانِ خَفِيٌّ خَفِيٌّ، لا تَرَاهُ العَيْنُ المُجَرَّدَةُ مِنْ عُمْقِ النَّظَرِ وَقُوَّةِ اخْتِرَاقِهِ، لأَنَّهُ -أَيْ الجَمَال- يَكْمُنُ فِي العَقْل وَفِي النَّفْسِ وَفِي الفُؤَادِ. تَرَاهُ وَاضِحًا فِي التَّصَرُّفِ وَالأَخْلَاقِ، وَفِي الثِّقَةِ وَالحَمِيمِيَّةِ؛ لَيْسَ إِلَّا. مَقَايِيسُ الجَمَال للشَّخْصِ العَادِيِّ ذِي النَّظْرَةِ السَّطْحِيَّةِ مَوْجُودَةٌ فِي مُعْظَمِ أَقْسَامِ الكُلِّيَّةِ الأُخْرَى، وَلَيْسَ فِي قِسْمِ الطَّيَرَانِ".

وجاء القسم الثالث من الكتاب بعنوان "حديث قلب"، ويحتوي هذا القسم عدداً من المقالات الزاخرة بالمشاعر الإنسانية والمواقف المتنوعة.

في نص بعنوان "شجون" يقول الربضي: "رَغمَ سِنين الخِبرَةِ في شُؤونِ الدُّنيا، فأنا سَبعينيٌّ مُحتَرِفٌ للعِشقِ، فَهِمتُ سِحرَ العُيونِ وَتَمتَمَةَ الشِّفاهِ لكُلِّ الَّذينَ سَبَقوني، إلّا هِيَ، فَعُيونُها غامِضَةٌ تُخادِعُ، وَنافِذَةٌ تَنفُذُ عَبرَ كُلِّ حَواجِزِ الطَّهَارَةِ وَالإخلاصِ الَّتي قَد تُغَلِّفُ نُفوسَ الرِّجال".

وأما القسم الأخير فجاء بعنوان "أجواء عمّان"، وفي هذا القسم يتجاور عدد من النصوص التي تمس حياة المؤلف بين أبنائه وعلاقاته وتأملاته في السبعين من العمر.

يقول الربضي في نص بعنوان " في وصف امرأة أردنية": " امرأةٌ بِألفِ رَجُلٍ. تَحْمِلُ هُمُومَ عَائِلَتِهَا وَتَجْعَلُ مِنْ مُشْكِلَاتِهِمْ شُغْلَهَا وَقَضِيَّتَهَا. مُسْتَقِلَّةٌ وَتعْشقُ الحُرِّيَّةَ. فِي حَرَكَةٍ دَائِمَةٍ لَا تَهْدَأُ، تَبْحَثُ عَنْ جَدِيدٍ يَشْغَلُهَا. المَسَافَاتُ عِنْدَهَا قَصِيرَةٌ مَهْمَا بَعُدَتْ، وَالأَهْدَافُ مُحَقَّقَةٌ مَهْمَا صَعَّبَتْهَا الظُّرُوفُ".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى