مَقَاطِعُ الْكَلِمِ الشَّرِيفَةِ
إن المقطع الصوتي هو ما يُنْطَق من الأصوات اللغوية في زَفْرَةِ هواء واحدة، ولا يخرج في العربية عن أن يكون أحد هذه المقاطع الستة:
1 قَصِيرٌ [س(ساكن)+ح(حركة)]،
2 طَوِيلٌ مَفْتُوحٌ [س+ح+ح]،
3 طَوِيلٌ مُغْلَقٌ [س+ح+س]،
4 مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بِسَاكِنٍ وَاحِدٍ [س+ح+ح+س]،
5 مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بِسَاكِنَيْنِ [س+ح+س+س]،
6 مُتَطَاوِلٌ [س+ح+ح+س+س].
ومن المقاطع القصيرة والطويلة وحدها (1، 2، 3)، تتكون الكَلِمُ في وَصْل نُطْقها الأصيل، فأما سائر المقاطع (4، 5، 6)، فتَعْرِضُ لها في وَقْف نُطْقها عُرُوضًا لا يقاس عليه، غير ما يكون في وَصْل نُطْقِها من عُروض المقطع المستطيل المغلق بساكن واحد (4)، إذا أَصَابَها إِدْغَامٌ بعد مقطعها الطويل المفتوح (2) [صقر، 2023، ظاهرة التوافق: 33].
وعلى رغم أن للنفَس مدى ينقطع عنده النطق، أَجري في تحليل أداء النصوص على تقدير اتصال النطق بكلٍّ منها إلى آخره، من حيث ينبغي لي مراعاة اختلاف مطالع المؤدين (مواضع ابتدائهم الأداء)، الذي تختلف به مقاطعهم (مواضع اختتامهم الأداء)، ومن حيث انتهاؤهم حتما إلى الوقف على آخر ما يُؤدّون. وفي أثناء تذوق هذا النطق المتصل، أراعي أن المقطعين القصير والطويل المغلق يتنازعان إيقاعه: فأما المقطع القصير فيُسرِع به، وأما المقطع الطويل المغلق فيُبطئ- وأن المقطع الطويل المفتوح مستقلٌّ بتَحْنين الإيقاع، من حيث يتيح للمؤدّي أن يترنَّم ما شاء، فيثير الحنين (الاشتياق والطَّرَب)، أو الحنان (العطف والرحمة).
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ الْأَوَّلِ (أَصْوَاتِ الْجَزَاءِ)
في نص سورة "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى" القرآني، ثلاثة ومئتا مقطع صوتي: ثمانون منها (39.40%) قصيرة، وأربعة وسبعون (36.45%) طويلة مغلقة، وتسعة وأربعون (24.13%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ" القدسيّ، خمسة عشر وأربعمئة مقطع صوتي: واحد وخمسون ومئةٌ منها (36.38%) قصيرة، وواحد وخمسون ومئة أخرى (36.38%) طويلة مغلقة، واثنا عشر ومئة (26.98%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (0.24%) مستطيل مغلق بساكن واحد.
ثم في نص حديث "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ" النبوي، سبعة وستون ومئة مقطع صوتي: اثنان وثمانون منها (49.10%) قصيرة، وخمسة وأربعون (26.94%) طويلة مغلقة، وسبعة وثلاثون (22.15%) طويلة مفتوحة، وثلاثة (1.79%) مستطيلة مغلقة بساكن واحد.
إن إيقاع النص النبوي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ حَثِيثٌ نَبِيهٌ بَهِيجٌ". وإن إيقاع النص القدسي هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ خَفِيفٌ لَطِيفٌ أَلِيفٌ". أما إيقاع النص القرآني وتَحنينه كلاهما فهما الأوسطان، بما هو "صَوْتٌ شَدِيدٌ جَهِيرٌ مَهِيبٌ"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ الثَّانِي (أَصْوَاتِ الْوَلَايَةِ)
في نص سورة "وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" القرآني، أربعة عشر ومئة مقطع صوتي: تسعة وخمسون منها (51.75%) قصيرة، واثنان وثلاثون (28.07%) طويلة مغلقة، واثنان وعشرون (19.29%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (0.87%) مستطيلٌ مغلق بساكن واحد.
ثم في نص حديث "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا" القدسي، ثمانية وثمانون ومئة مقطع صوتي: خمسة وتسعون منها (50.53%) قصيرة، وثمانية وخمسون طويلة (30.85%) مغلقة بساكن، وخمسة وثلاثون (18.61%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ" النبوي، سبعة وخمسون ومئة مقطع صوتي: تسعة وثمانون منها (56.68%) قصيرة، وثمانية وثلاثون (24.20%) طويلة مغلقة، وثلاثون (19.10%) طويلة مفتوحة.
إن إيقاع النص النبوي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأوسط، بما هو "صَوْتٌ عظيم المؤانسة". وإن إيقاع النص القدسي هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ عظيم الحماية". أما إيقاع النص القرآني فهو الأوسط، وأما تَحنينه فهو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ عظيم اللطافة"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ الثَّالِثِ (أَصْوَاتِ التَّدْرِيجِ)
في نص سورة "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" القرآنيّ، ثمانية وستون مقطعا صوتيا: خمسة وثلاثون منها (51.47%) قصيرة، وثمانية وعشرون (41.17%) طويلة مغلقة، وخمسة منها (7.35%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي" القدسيّ، ستة عشر ومئة مقطع صوتي: سبعة وخمسون منها (49.13%) قصيرة، وثمانية وثلاثون (32.75%) طويلة مغلقة، وواحد وعشرون (18.10%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ" النبويّ، ثلاثة وخمسون مقطعا صوتيا: اثنان وعشرون منها (41.50%) قصيرة، وعشرون (37.73%) طويلة مغلقة، وعشرة (18.86%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (1.88%) مستطيل مغلق بساكن واحد.
إن إيقاع النص القرآني هو الأسرع، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ أبوي إقناعي". وإن إيقاع النص النبوي هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ إمامي إرشادي". أما إيقاع النص القدسي وتَحنينه فهما الأوسطان، بما هو "صَوْتٌ أخوي إغرائي"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ الرَّابِعِ (أَصْوَاتِ التَّرْغِيبِ)
في نص سورة "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ" القرآني، واحد وأربعون مقطعا صوتيا: ستة عشر منها (39.02%) قصيرة، وخمسة عشر (37.58%) طويلة مغلقة، وتسعة (21.95%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (2.43%) مستطيل مغلق بساكنين.
ثم في نص حديث "مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي" القدسي، ستة وثلاثون مقطعا صوتيا: سبعة عشر منها (47.22%) طويلة مغلقة، واثنا عشر (33.33%) قصيرة، وسبعة (21.21%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ" النبوي، تسعة وعشرون مقطعا صوتيا: ثلاثة عشر منها (44.82%) قصيرة، واثنا عشر (41.37%) طويلة مغلقة، وأربعة (13.79%) طويلة مفتوحة.
إن إيقاع النص القدسي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأوسط، بما هو "صَوْتٌ منصف كريم". وإن إيقاع النص القرآني هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ حكيم عليم". أما إيقاع النص النبوي فهو الأوسط، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ عملي شَعْبي"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ الْخَامِسِ (أَصْوَاتِ التَّخْيِيلِ)
في نص سورة "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" القرآنيّ، ثمانية وعشرون مقطعا صوتيا: ثلاثة عشر منها (47.42%) طويلة مغلقة، واثنا عشر (42.85%) قصيرة، وثلاثة (10.71%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث " أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي" القدسيّ، تسعة وعشرون مقطعا صوتيا: أحد عشر منها (37.93%) طويلة مغلقة، وعشرة (34.48%) قصيرة، وسبعة (24.13%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (3.44%) مستطيل مغلق بساكن واحد.
ثم في جملة نص حديث "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ" النبويّ، واحد وعشرون مقطعا صوتيا: عشرة منها (47.61%) طويلة مغلقة، وتسعة (42.85%) قصيرة، ومقطع واحد (4.76%) طويل مفتوح، ومقطع واحد (4.76%) مستطيل مغلق بساكنين.
إن إيقاع النص النبوي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ متعجب سعيد". وإن إيقاع النص القدسي هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ متحبب وَصول". أما إيقاع النص القرآني وتَحنينه فهما الأوسطان، بما هو "صَوْتٌ متملك متحكم"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ السَّادِسِ (أَصْوَاتِ الْمُوَازَنَةِ)
في نص سورة "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" القرآنيّ، اثنان وستون مقطعا صوتيا: سبعة وعشرون منها (43.54%) قصيرة، وثمانية عشر (29.03%) طويلة مفتوحة، وستة عشر (25.80%) طويلة مغلقة، ومقطع واحد (1.61%) مستطيل مغلق بساكن واحد.
ثم في نص حديث "إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً" القدسيّ، تسعة عشر ومئة مقطع صوتي: ثمانية وخمسون منها (48.73%) قصيرة، وثلاثون (25.21%) طويلة مفتوحة، وثلاثون أخرى (25.21%) طويلة مغلقة، ومقطع واحد (0.84%) مستطيل مغلق بساكنين.
ثم في نص حديث "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ" النبويّ، سبعون مقطعا صوتيا: سبعة وثلاثون منها (52.85%) قصيرة، وثلاثة وعشرون (32.85%) طويلة مغلقة، وتسعة (12.85%) طويلة مفتوحة، ومقطع واحد (1.42%) مستطيل مغلق بساكن واحد.
إن إيقاع النص النبوي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ فني إيحائي". وإن إيقاع النص القرآني هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ محاج منصف". أما إيقاع النص القدسي وتَحنينه فهما الأوسطان، بما هو "صَوْتٌ حليم كريم"!
مَقَاطِعُ النَّمُوذَجِ الْمُثَلَّثِ السَّابِعِ (أَصْوَاتِ التَّهْوِينِ)
في نص سورة "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" القرآني، خمسون مقطعا صوتيا: تسعة عشر منها (38%) طويلة مغلقة، وثمانية عشر (36%) قصيرة، وثلاثة عشر (26%) طويلة مفتوحة.
ثم في حديث "أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي" القدسيّ، ثلاثة وسبعون مقطعا صوتيا: ثلاثة وثلاثون منها (45.20%) قصيرة، وثلاثة وعشرون (31.50%) طويلة مغلقة، وسبعة عشر (23.28%) طويلة مفتوحة.
ثم في نص حديث "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" النبويّ، ثمانون مقطعا صوتيا: ثلاثة وثلاثون (41.25%) قصيرة، وثلاثون (37.50%) طويلة مغلقة، وسبعة عشر (21.25%) طويلة مفتوحة.
إن إيقاع النص القدسي هو الأسرع، وتَحنينه هو الأوسط، بما هو "صَوْتٌ صديق رفيق". وإن إيقاع النص القرآني هو الأبطأ، وتَحنينه هو الأكثر، بما هو "صَوْتٌ رضي حفي". أما إيقاع النص النبوي فهو الأوسط، وتَحنينه هو الأقل، بما هو "صَوْتٌ عليم حكيم"!
ينبغي ألا أترك هذا المقام دون أن أنبه على أنه إذا كانت مقاطع النصوص الواحد والعشرين تسعة عشر ومئة وألفين (2119)، فإن ثمانية وأربعين وتسعمئة منها (44.73%) قصيرة، وثلاثة وسبعمئة (33.17%) طويلة مغلقة، وستة وخمسين وأربعمئة (21.51%) طويلة مفتوحة، وتسعة (0.42%) مستطيلة مغلقة بساكن واحد، وثلاثة (0.14%) مستطيلة مغلقة بساكنين- وإذا كانت مقاطع النصوص القرآنية السبعة ستة وستين وخمسمئة (566)، فإن سبعة وأربعين ومئتين منها (43.63%) قصيرة، وسبعة وتسعين ومئة (34.80%) طويلة مغلقة، وتسعة عشر ومئة (21.02) طويلة مفتوحة، ومقطعين اثنين (0.35%) مستطيلان مغلقان بساكن واحد، ومقطعا واحدا (0.17%) مستطيل مغلق بساكنين- وإذا كانت مقاطع النصوص القدسية السبعة ستة وسبعين وتسعمئة (976)، فإن ستة عشر وأربعمئة (42.62%) منها قصيرة، وثمانية وعشرين وثلاثمئة (33.60%) طويلة مغلقة، وتسعة وعشرين ومئتين (23.46%) طويلة مفتوحة، ومقطعين اثنين (0.20%) مستطيلان مغلقان بساكن واحد، ومقطعا واحد (0.10%) مستطيل مغلق بساكنين- وإذا كانت مقاطع النصوص النبوية السبعة سبعة وسبعين وخمسمئة (577)، فإن خمسة وثمانين ومئتين منها (49.39%) قصيرة، وثمانية وسبعين ومئة (30.84%) طويلة مغلقة، وثمانية ومئة (18.71%) طويلة مفتوحة، وخمسة (0.86%) مستطيلة مغلقة بساكن واحد، ومقطعا واحدا (0.17%) مستطيل مغلق بساكنين!
وإن في ذلك لبيانا واضحا، لطبيعة بناء الكلمة العربية على وجه العموم من المقاطع القصيرة ثم الطويلة المغلقة ثم الطويلة المفتوحة، ثم ما يطرأ على هذا البناء من المقاطع المستطيلة المغلقة بساكن واحد، ثم المغلقة بساكنين- هذا البناء العربي الأصيل. وفي أثناء ذلك، تميَّزت النصوص النبوية المختارة بالإيقاع الأسرع والتَّحنين الأقل، والنصوص القدسية المختارة بالإيقاع الأبطأ والتَّحنين الأكثر، أما النصوص القرآنية المختارة فتميزت بالإيقاع والتَّحنين الأوسطين؛ ولا ريب في دلالة تلك العلاقة المنطقية العكسية المعروفة (علاقة التحنين بالإيقاع)، التي لم يستوِ طرفاها وَسَطًا من النصوص المختارة إلا في الكلام الخالص لرب العالمين، على اختلاف مصادر النصوص الثلاثة في أثناء مؤدَّياتها، اختلافا يشهد على صدق رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- فيما نقله لفظا ومعنى أو معنى فقط، مثلما يشهد على صدق ما ارتجله!