من ذاكرة الطفولة
نوار اللوز أول من يزهر بين الأشجار ويذكّر بتجدد الحياة…
من الذكريات الجميلة التي لا تزال عالقة في ذهني، أزهار اللوز، أو نوار اللوز كما كنا نسميه، في طفولتنا، المكان مسقط رأسي بني عزيز، ولاية سطيف، الزمان الطفولة الحالمة، زمن لن يعود...
أزهار اللوز هي الاولى التي تزهر مع أول شهر فبراير/ شباط، وتُعلن عن قدوم الربيع مبكراً، الذي يقتحم الشتاء، ويزاحمه في برودته وثبوجه، وصقيعه الذي ينعش الطبيعة، نوار اللوز الذي يزهر حتى في جو بارد والثلوج تكسو الحقول، وما أجملهُ من منظر، بديع مفعم بالفرح، خاصة عندما يعم الضباب الريف الجميل، حين يكون الجو بارداً جداً، كانت وحدها أزهار اللوز، تتربع على عرش الطبيعة، وتتزاوج بين الربيع والستاء، تنور الحقول، حتى في الليل الحالك، تنير الدروب أزهار اللوز الوردية، قصتي مع هذه الزهور جميلةٌ جداً، ولها حب ووصف لا يمكن لهذه الكلمات ان تعبر عن جماله..
كانت حديقة جدي من أكبر الحدائق، وفيها كل أشجار الفاكهة، وكانت هضبة فوق البيت تطل على القرية تسمى الدراع، والاسم الحقيق لها هة (كدية حمايد) يحكى انهم اكتشفوا فيها بقايا بيوت واواي تعود الى الدولة الحمادية، كانت تلك الدرعة تغطيها اشجار اللوز، وعنما ينور النوار تظهر من بعيد كانها شيخ يلبس عمامة بيضاء، وكم كنت احب اللعب تحتها، و وريقات النوار تتساقط على خدي، وتلامسني بلطف وحنية، حتى أننا كنا ناكله أحياناً لطعمه الحلو، وكان جنان الحكومة فوق الهضبة المقابلة لبيت جدي، توجد هكتارات من أشجار اللوز، كانت تبدوا من بعيد وكانه النور،الساطع، أو الثلج، كما تحكى أسطورة في ملك الاندلس...
الملك الذي غرس أشجاراللوز في مملكته إرضاء لحبيبته، حيث كانت تحلم برايت الثلج، وان الثلج لا يسقط في الاندلس، فوعدها ان السنة المقبلة سياتي بالثلج أمام القصر، فغرس لها هكتارات من أشجار اللوز،، في هضبة تقابل القصر، وفي فصل الشتاء، عند بزوغ نوار اللوز، ذات صباح، فتح لها النافذة وقال لها أنظري لقد سقط الثلج أمام القصر، لاجلك يا حبيبتي...
هذه القصة حدثت في الأندلس في عصر ملوك الطوائف، هي قصة محمد ابن عبّاد أحد ملوك الأندلس سنة (1040-1095). ملك إشبيلية أعجب هذا الملك بجارية حين كانت تعمل بجانب النهر الذي مرّ منه فأعتقها ثم تزوّجها.
اسم هذه الجارية التي أصبحت ملكة الأندلس اعتماد الرميكية.
تروي القصص أن الملك من شدة هيامه بسلطانة قلبه اشتّق من اسمها -اعتماد- اسمه ليصبح المعتمد على الله بن عبّاد.
وصف حبّه لها قائلا "حبّ اعتماد في الجوانح ساكن لا القلب ضاق به، ولا هو راحل".
طلب المعتمد زرع أشجار اللوز في معظم أرجاء مملكته حتّى إذا تفتّحت بياضها صارت كلون الثلج إرضاء للحبيبتة حينما عَبّرت عن حبّها لمنظر الثلج، كي لايحرمها من منظر بياض الثلج، ومزج التراب بالكافور و العنبر وماء الورد حتى تلعب اعتماد كما اعتادت خلال الأيام التي كانت فيها جاريّة.
كان حب المعتمد بن عباد لاعتماد حبًّا قويًّا و ملهمًا و نقيّا كبياض زهر_اللوز، وبعد دخول المرابطين للاندلس بطلب من علماء وفقهاء الاندلس، لوضع حد للقتال بين الدول ملوك الأندلس، إنتزاع المرابطون منه عرشه ونفي للمغرب وعُاش بقية حياته بالمنفى هوا وزوجته وبناته، وعانوا من الفقر الشديد بعد مصادرة كل أملاكه وأمواله، وسجن أولاده، بعد إعلانهم التمرد على المرابطين كانت زوجته تتقن حياكة الصوف، عندما كانت جارية وعملت هي وبناتها بالحياكة بأجر لا يكفي قوت يومهم، وذات يوم حصل بينهم شِجار بسبب قسوة الفقر،
فقالت له والله اني لم أرى منك خيرا قط فرد عليها ولا يوم الطين، فبكت بعد معاناة من حياة الفقر التي عاشوها بقية حياتهم توفاهم الله في المغرب وطلبَ أن يُدفنَ بجانب حبيبة...
نوار اللوز، الذي يجدد حبي له في كل السنة،.
مشاركة منتدى
27 شباط (فبراير) 2023, 11:00, بقلم خالد حموش
&بين المخاض والميلاد&
بقلم خالد حموش. الجزائر
لهامتكِ يَعتريني الذُّهول،
وتَلفُّني أوراقَ الخريف وكل الفصول،
تُناديني بين الظلمة والنهار
كعصفورٍ في الليلِ شارد بين الحقول.
بين التيهِ وايحاءٍ قتيم
وبين المخاضِ والميلاد،
تُشعلُ الفوانيس، ايذانا
تُضاءُ البساتين أعياد.
فتنجلي الظُّلمات،
يسْطعُ النور
ويشعُّ الليلَّ بضوءِ القنديل.
فتُهديني بسمةً عريضةً،
عطورًا وأحلامًا تأخذني
إلى عينيكِ مواويل.!!!
لقامتكِ ينحني الأبطالُ صلاةً،
ولقسمكِ تزفُّ كل الصيحات.
تنشدُ العصافير كل المقامات،
وسجودًا تُوئمُ لكِ كل الصلوات .
تَزفُّ لنا كل الألحان ،
كل العطورِ و كل الإيقاعات.
وتُعزفُ النوتات سيمفونية،
معراجا تأخذُنا إلى كل السمواتِ.