لا تُفسدوا القهوة!
اعتاد أستاذ جامعي بعد أن أُحيل إلى التقاعد أن يدعو كل فترةدفعة من طلابه الخريجين فى منزله بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الإستقرار المادي والإجتماعي، وبعد عبارات التحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر
غاب الأستاذ عنهم قليلاً
ثم عاد يحمل ابريقاً كبيراً من القهوة
ومعه فناجين من كل شكل ولون:
فناجين صينية فاخرة
فناجين ميلامين
فناجين زجاجية عادية
فناجين بلاستيك
فناجين كريستال
بعض الأكواب كانت في منتهى الجمال ،،تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت
قال الأستاذ لطلابه:
تفضلوا، وليسكبْ كل واحد منكم لنفسه القهوة وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكاً بكوب تكلم الأستاذ مجدداً :
هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم؟
وأنكم تجنّبتم الأكواب العادية؟
من الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم الى ما هو أفضل
وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر،
ما كنتم بحاجة إليه فعلاً هو القهوة وليس الكوب ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة وبعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين
فلو كانت الحياة هي: القهوة
فإن الوظيفة والمال والمكانة الإجتماعية هي الأكواب
وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة
ونوعية الحياة (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير
وعندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الإستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الإهتمام بالأكواب والفناجين
وبدل ذلك أنصحكم :
(استمتعوا بالقهوة)
الدرس الأول:
النظر إلى ما في أيدي الآخرين يفسد علينا متعة الإستمتاع بما في أيدينا إذا رأيتَ في يد شخص شيئاً أجمل مما في يدك فلعلّه تعويض عن شيء حُرم منه البيوت أسرار والناس صناديق مُغلقة
الدرس الثاني:
مشكلة الناس في هذا العصر أن معيار الحرمان عندهم هو المال فمن كان له مال فهو ذو حظ عظيم ومن ليس له مال فيستحق الشفقة ،،،دعوني لا أكون مثاليا المال عجلة الحياة ولكنه ليس الحياة،، صحيح أنه يتيح لك أن تعيش تعاستك برفاهية ولكنه لا يكفي وحده ليجعلك تعيش أجمل ما في الحياة هي تلك الأشياء التي ليس لها ثمن ويقف المال أمامها فقيراً عاجزاً لا يستطيع شراءها حنان شريك حياه يحبكَ
أصدقاء مخلصون
أولاد أذكياء وأصحاء
دعوة أم عند الصباح
رغيف من حلال
بيت من سِتر وحب
هذه الأشياء هي الحياة
والمال لا يستطيع شراءها
الدرس الثالث:
إننا نهتم بالوسائل ونهمل الغايات هكذا هم البشر هذا الزمن
يهتمون بالوسائد أكثر مما يهتمون بالنوم يهتمون بالمستشفيات أكثر مما يهتمون بالصحة يهتمون بالمدارس أكثر مما يهتمون بالتعليم يهتمون برجال الدين أكثر مما يهتمون بالدين يهتمون بوسائل الإتصال أكثر مما يهتمون بالتواصل
فلا تُفسدوا القهوة ..........