قیاس خاصیة تنوع المفردات فی الأسلوب
محمد شریف حسینی [1]
– تحت إشراف الاستاذین الدکتور فرزانه والدکتور انوار
دراسة تطبیقیة لنماذج من قصائد الأخطل ، جریر، الفرزدق
ملّخص البحث :
الثروة اللغویة للشاعر هی من ابرز الخواص الأسلوبیة ، تعتبر دراسة هذه الثروة و تقییمها أحد المؤشرات التی یمکن استخدامها لمناقشة الاسالیب الأدبیة وفق المناهج العلمیة .
يتناول هذا البحث خاصية تنوع المفردات و نسبتها لدي شعراء النقائض الأمويين ( الاخطل، الفرزدق و جرير )وإخترنا بعض القصائد من هولاء الشعراء الثلاثة ثم قمنا بمقارنتها و اعتمدنا علي الاسلوب الاحصائي، و قدمنا الي القاري نسبة الكلية للتنوع عند هولاء الشعراء و تناقضها و تراكمها حتي وصلنا الي بعض النتائج من هذا القياس منها ان أكثر الاساليب الثلاثة تنوعا هو أسلوب الأخطل و أقلها أسلوب جرير و يتوسط أسلوب الفرزدق بينهما و بناء علي أن نسبة التنوع هي من أبرزمقاييس لاختبار مدي الصعوبة في الاسلوب فنجد أسلوب الاخطل أكثر صعوبة من اسلوبي الفرزدق و جرير.
الكلمات الرئيسة :
جرير- ألاخطل - الفرزدق- المفردات - الثروة- اللفظية- الأسلوب الاحصائي
مقدمة :
مهمة النقد العربي ذات شطرين : شطر تفسيري علمي و شطر تقويمي حكمي و ذوقي و انقسم النقاد قمسين ، قسما غلب عليه النقد الحكمي و الفطري و حكم علي ما يقرأ بالجودة و الرداءة اعتماد علي مزاولة الادب و لايقوم هذا القسم إلا علي الذوق الفطري و قسما تأثر بالدرسات العلمية .
للقسم الأول ، هناك دراسات نقدية و جهود كثيرة لمقارنة أشعار شعراء النقائض (الاخطل ، الفرزدق ، جرير) بناء علي فطرتهم و ذوقهم و تطرق بعض الباحثون و النقاد الي مقارنة بين اغراضهم و مواضيعهم و بلاغتهم و غيرها و حكموا علي أشعارهم و فضّلوا احدهم علي الآخرين و بعضهم اعتمدوا في هذا الحكم علي درجات البلاغة و مقارنة نقائضهم و أقوال النقاد الاولين.
[2] .
قيل للفرزدق : «من أشعر الناس ، قال كفاك بي إذا افتخرت ُ و بجرير إذا هجا و بإبن النصرانية إذا امتدح» [3].
وقال جرير عن الفرزدق: «الفرزدق نبعة الشعر، والأخطل يجيد صفة الملوك، ويصيب نعت الخمر، وأنا نحرت الشعر نحرا» [4].
استفاد بعض النقاد معايير كالدين لمقارنتهم و تفوق بعضهم علي الاخرين كما يقول الصوليّ :« إن ّجريراً والفرزدق يتقدّمان الاخطل بسبب إيمانهما وكفره، [5].
حول أشعر الشعراء الثلاث ما أجاب بشار هو : سئل بشار: أي الثلاثة أشعر؟ فقال:«لم يكن الأخطل مثلهما، ولكن ربيعة تعصبت لـه، وأفرطت فيه. وكانت لجرير ضروب من الشعر لا يحسنها الفرزدق» [6]
الاخطل فی رأی ابن سلاّم فی عداد الطبقة الأولی من الشعراء الاسلامیین، و قد قدّمه یونس بن حبیب علی معاصریه جریر و الفرزدق و کان جریر یقول:« أدرکت الأخطل و له ناب واحد ، و لو أدرکت له نابین لأکلنی » ، قال الفرزدق « الاخطل أمدح العرب » و فی کتاب الأغانی قول أبی الفرج:« و محلّه فی الشعر أکبر من أن یحتاج الی وصف ». [7].
یذکرالجاحظ أن الفرزدق قال لامرأته نوار:«کیف رأیت َ جریرا ً » قالت:«رأیتک ظلمته أولا ثم شغرت عنه برجلک آخرا » [8] قال:«أنا أضعف و أعیا»قالت:«نعم ، أما انه قد غلبک فی حلوة و شارکک فی مرة ». [9]
ابداء الاراء النقدية الذوقية تجاه منزلة هولاء الثلاثة لايقتصر بالنقد القديم فحسب ، بل الادباء و الكتاب المعاصرون يبدون أرائهم في هذا الصعيد ، علي سبيل المثال ، يقول تاج الدين شلق:«انقسم الناس في أي من هولاء الثلاثة أحسن و افضل ، غير أن ّ الرأي الغالب هو أن الأخطل أجودهم مدحا ًو أوصفهم خمراً و الفرزدق أعظمهم فخرا ًو جريرا ً أفحمهم و أفحشهم هجاءً و أعلمهم نسبا ً و اجمعهم لفنون الشعر» [10].
كما ايليا الحاوي الذي شرح ديوان الفرزدق يقول في هذا المجال:« تقدم الأخطل الفرزدق في المدح و تقدمه جرير في الهجاء و الغزل و الرثاو تقدمهما الفرزدق في الفخر».
یقف شوقی ضیف عند هولاء الشعراء الثلاثة قائلا:«والحق أن جریراً کان یتفوق علی خصمیه جمیعاً فی الهجاء، أن مدائح جریر أکثر عذوبة ، اذ کان یتفوق علی خصمیه جمیعاً فی حلاوة الألفاظ و جمال النغم و رشاقة اللفظ و نعومته . أما الأخطل فیمتاز برصانة الألفاظ و فخامتها و جزالتها» [11].
لا يجوز أن نحكم على أشعارهم من هذه الزاوية بل يجب النظر إلى هذه الاشعار مستفيدين من الاساليب العلمية الجديدة و لابد لنا ان نحكم عليهم مدعومين بأدلة وثيقة و أسباب قوية ولذلك قمنا بالبحث في تنوع المفردات و مقارنة الثروة اللفظية لدي هولاء الشعراء الثلاثة اعتماداً علی تنوع المفردات فی الاسلوب. [12]
الاسلوبیة هی فرع من اللسانیات العامة بداسة مجال التصرف فی حدود القواعد البنیویة لانتظام جهاز اللغة و هی دراسة جدیثة هدفها دراسة خصائص الأسلوب و اتجاهاته و لها تیارات و مناهج [13]
یشتمل المنهج الأسلوبی علی خمسة الاتجاهات : 1- الأسلوبیة الصوتیة 2- الأسلوبیة الوظیفیة 3- الأسلوبیة التعبیریة 4- الأسلوبیة النحویة 5- الأسلوبیة الإحصائیة و من ابرز الخواص الدالة علی أسلوب شاعر أو ناثر ، المعجم اللغوی الذی یستخدمه فی آثاره ( Poetic Diction ) اذن فحص الثروة اللفظیة ( Vocabula Richness ) في النصوص الأدبیة یدلنا علی استبانة واحد من أهم الملامح الممیزة للأسلوب. [14]
الثروة اللفظية لدي الشعراء هي من أبرز الخواص الاسلوبية التي تدل عليهم و تبين عن سر صناعة الشعرعندهم ، بناء علي ذلك ، من البديهي ان دراسة هذه الثروة في الشعر و النثر تظهر أهم الملامح و السمات للأسلوب ، كما لدينا دراسة تطبيقة لنماذج من كتابات العقاد و الرافعي و طه حسين [15] واستفدتها كثيرا في هذه الدراسة ، يمكن عن طريق هذا البحث التوصل الي معرفة النقطتين التاليتين :
– الاول : حجم الثروة اللفظية لدي الشعراء عند المقارنة
– الثاني : طرق إستخدام الثروة اللفظية بين اجزاء القصائد
وغرضنا في هذا البحث هو معرفة الثروة اللفظية مدعومة علي الدليل الاحصائي وقياس خاصية التنوع في المفردات مع دراسة تطبيقية لنماذج من أشعار الأخطل و الفرزدق و جرير.
تضم هذه الدراسة المسائل التالية:
- ذكر أسباب إختيار الشعراء الثلاثة ( ألاخطل ، الفرزدق و الجرير )
- تحديد القصائد التي تم اجراء البحث عليها
- تحديد المقياس و طرق تطبيقه علي العينات
- ايضاح طرق حساب نسبة الكلية للتنوع و تناقض نسبة التنوع و منحني تراكمها
- نتائج القياس
أسباب اختيار هولاء الشعراء
مما دفعني إلي إختيار هذا الموضوع للدراسة هو وجود الآراء الكثيرة فيما يتعلق بالمفاضلة بين هذا المثلث الذي قلما نجد مثيله في عصره أو عصور اخري ، اضافة الي ذلك ، ان هولاءالثلاثة عاشوا في قرن واحد و ترعرعوا في حياة اجتماعية ، اقتصادية ، سياسية واحدة و كانوا يسمون انفسهم احسن الشعراء وإن کلاً هولاء الشعراء - کما یری شوقی ضیف – یرید أن یشهد له أقرانه بالتفوق الاجتماعی و الفنی ، التفوق الاجتماعی فی الفخر و الهجاء و التفوق الفنی، [16]اذا اردنا ان نقايس بين ثلاثة من الشعراء فهولاء الشعراء يعدون افضل نماذج لتطبيق دراسة تنوع المفردات وفق علم الاحصاء .
القضية التي كانت عالقة علي بالي خلال هذه المرحلة الدراسية ان هل هناك علاقة بين آلاراء النقدية الذوقية ( التي أشرنا سابقا في مقدمة البحث ) و دراسة علمية تحليلية مدعومة علي علم الاحصاء خاصة في مجال تنوع المفردات و صعوبة الالفاظ لدي هولاء الشعراء .
القصائد المدروسة :
اخترنا عددا من قصائد هولاء الشعراء المناهضين و اكثرها من اشعار النقائض و تتكون هذه القصائد لكل شاعر علي حدة من 3000 كلمة و حاصل جمعها يبلغ الي 9000 و ثم قمنا بتفريغها في الجداول
مطلع قصائد الاخطل: [17]
خف القطين فراحوا منك أوبكـرواوأزعجتهم نوى في صرفهـا عيـريَا يَوْمنَا عِندَهَـا عُـدْ بالنَّعِيـمِ لَنَـامِنْهَا ويَا لَيْلَتِـي فِي بَيْتِـهَا عُـودِيأَجَريرُ إنّك والـذي تَسْمُـو لَـهُكَأسيفَةٍ فَخَرتْ بِحَـدْجِ حَصَـانِحَلَّتْ سُلَيمْى بِدَوْغانٍ وَشـطَّ بِهَـاغَرْبُ النَّوَى وتَرَى فِي خَلْقِهَـا أَوَدابَـانَ الشَّـبَـابُ، ورُبّمَـا عَلّلْتُـهُبالغَانِيَـاتِ وبالشَّـرابِ الأصْهَـبِصرَمَتْ حِبـالَكَ زَيْنَـبٌ وقَـذورُوحِبـالُهُـنَّ إِذَا عَـقَـدْنَ غُـرُورُقَدْ كشَّفَ الحِلْمُ عَنِّي الجهْلَعَنِّي الضَّبَابَةُ ، لاَ نِكْـسٌ ، ولاَمطلع قصائد جرير: [18]بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما باناحَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلايا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانابِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرماناعِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَوراناعَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لاناسـالَ الأمِيـرُ لعبـد تَيْـمٍ: بِئسَمـاأبْلَيْـتَ عنـدَ مَوَاطـنِ الأحْسـابِانَّ الفـرزدقَ أخزتـهُ مثالـبـهُعبدُ النهارِ وزاني الليـلِ دبـابُهـل ينفعـكَ إن جربـتَ تجـريـبُأم هل شبابكَ بعدَ السيـب مطلـوبأرقَ العيـونُ فنومـهـنَّ غــرارُإذ لا يساعـفُ مـنَ هـواكَ مـزارُمطلع قصائد الفرزدق: [19]أَقِلّي اللَـومَ عـاذِلَ وَالعِتابـاوَقولي إِن أَصَبتُ لَقَـد أَصابـاأتطربُ حين لاحَ بكَ المشيـبُوذَلكَ إنْ عَجبتَ هوى ً عَجيبُانّ المُهاجِرَ حِينَ ييَبْسُـطُ كَفَّـهُسبطُ البنانِ طويلُ عظمِ الساعدِعَجِبتُ لِرَكبٍ فَرَّحَتهُم مُليحَةٌتَأَلَّقُ مِن بَينِ الذَنابينِ فَاِلمِعاهَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَههَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُوَفَضلُ أُمَّتِهِ دانَت لَهُ الأُمَمُوَحَرْفٍ كجَفنِ السّيْفِ أدرَكَ نِقيَهاوَرَاءَ الذي يُخشَى وَجيِفُ التّنائِفِبَيّنْ، إذا نَزَلَتْ عَلَيْكَ مُجاشعٌأوْ نَهْشَلٌ، تَلِعاتُكمْ ما تَصْنَعُسمَا لَكَ شَوْقٌ مِنْ نَوَارٍوَدُونَهاسَوَيْقَةُ وَالدَّهْنا وَعَرْضُ جِوَائِهاأَلَم يَكُ جَهلاً بَعدَ سَبعينَ حِجَّةًتَذَكُّرُ أُمَّ الفَضلِ وَالرَأسُ أَشيَبُتَضاحَكَت أَن رَأَت شَيباً تَفَرَّعَنيكَأَنَّها أَبصَرَت بَعضَ الأَعاجيبِأَنا اِبنُ العاصِمينَ بَني تَميمٍإِذا ما أَعظَمُ الحَدَثانِ نابالَعَمرُكَ ما تَجزي مُفَدّاةُ شُقَّتيوَإِخطارُ نَفسي الكاشِحينَ وَمالِياأَبى الحُزنَ أَن أَسلى بَنِيَّ وَسَورَةٌأَراها إِذا الأَيدي تَلاقَت غِضابُها
القیاس
هناک عدة مقاییس اقترحت لقیاس خاصیة تنوع المفردات و من أهمها ما اقترحه و جونسون فی دراسة بعنوان اللغة و العادات السلیمة فی الکلام و کتابه الناس فی المأزق و فیهما یری جونسون أن فی الامکان إیجاد نسبة لتنوع المفردات فی النص أو فی جزء منه إذا ما حسبنا فیه النسبة بین الکلمات المتنوعة ( أی المختلفة بعضها عن بعض ) و المجموع الکلی للکلمات المکونة له .
و یطلق جونسون علی الکلمات المتنوعة مصطلح ، الانواع و علی المجموع الکلی للکلمات مصطلح ، الکل و من ثم یطلق علی نسبة التنوع.
و یقتضی هذا المقیاس أن ندخل فی دائرة الکلمات المتنوعة کل کلمة جدیدة ترد علی النص – أو فی بعض أجزائه – لأول مرة مع احتسابها مرة واحدة فی العدد مهما تعددت مرات ورودها فی الجزء الذی نفحصه من النص و تعتبر مثل هذه الکلمة ، نوعا و بعد إحصاء عدد الکلمات المتنوعة یتم ایجاد نسبة التنوع بقسمة عددها علی حاصل الجمع الکلی للکلمات ، الکل .
وواضح أن التوصل إلی عدد الکلمات المتنوعة فی نص ما لیس أمرا بالغ السهولة فقد اقتضانا ذلک بالنسة لکل عینة أن نقوم بما یلی :
- عمل نموذج لجدول تکون عدد خاناته حاصل ضرب 10×10 و بذلک یصل مجموع الخانات فی الجدول الواحد 100 خانة انظر الجداول .
- تفریغ العینة کلها فی هذه الجداول بحیث تکتب کل کلمة فی خانة مستقلة و بذلک استغرقت العینة الواحدة ( والتی تتکون من ثلاثة ألاف کلمة )30 جدولا .
- حصر الکلمات المتنوعة فی کل جدول علی حدة . و ذلک بمراجعة اول کلمة من کلمات علی سائر الکلمات الباقیة فیه و عددها 99 کلمة ثم شطب ای تکرار لهذا الکلمة یمکن ان یوجد فی حدود الجدول الواحد . ثم نبدأ بعد ذلک بمراجعة الکلمة الثانیة فیه بالطریقة السابقة علی الکلمات الباقیة ( و سیصیر عددها 98 کلمة ) حتی تنتهی جمیع الکلمات المائة . ثم نقوم بمثل ذلک فی سائر الجداول الأخری و عددها بالنسبة للعینات الثلاث 90 جدولا .
- الکلمات التی بقیت دون شطب تمثل ما نعنیه بالکلمات المتنوعة . و هذه یتم حصرها و کتابة عددها اسفل کل جدول .
بید ان الخطوات الأربع السابقة تودی إلی حصر الکلمات المتنوعة فی کل جدول علی حدة . و هذا امر مطلوب کما سنری بعد – ولکنها لا تحصر الکلمات المتنوعة بالنسبة للعینة کلها فقصاری ما نصل إلیه من تطبیق هذه الخطوات ألا تتکر الکلمة الواحدة فی کل مائة ، و هذه لا یمنع من تعدد مرات ورودها فیما یلحق من جداول . و من ثم یتطلب الأمر القیام بخطوات اخری لحصر الکلمات المتنوئة علی مستوی العینة کلها ، وهذه هی:
- مراجعة کل کلمة لم تشطب فی الجدول الأول علی جمیع تکرارات الکلمة علی مستوی النص کله.
( و یستحسن ان یتم الشطب فی هذه المرة بقلم ذی لون مخالف أو باشارة مخالفة حتی یتبین للباحث ما تم شطبه علی مستوی الجدول الواحد مما تم شطبه علی مستوی العینة کلها ) . - مراجعة کل کلمة لم تشطب فی الجدول الثانی علی جمیع الکلمات التی لم تشطب فی الجداول اللاحقة و عددها 28 جدولا و هکذا حتی تفرغ من جمیع الجداول الثلاثین التی تتکون من العینة و قل مثل ذلک فی العینتین الاخریین بجداولهما الستین .
- لکی نضمن دقة الحصر قمنا بعد اجراء هاتین المجموعتین من الخطوات بتفریغ الکلمات الباقیة دون شطب فی جدول مماثلة تحمل نفس الأرقام المتسلسة من 1 الی 30 فی کل عینة من العینات الثلاث و من المتوقع أن یکون عدد الکلمات المفرغة فی الجداول الأخیرة أقل بکثیر من عدها الجداول الأصلیة مما یسهل عملیة حصرها بنفس الطریقة السابقة و باتباع نفس المراحل و ذلک حتی نستدرک ما عسی أن یکون قد تفلت من نظرنا أثناء الحصر الأول و حتی یطمئن الباحث تماما إلی درج مراحل القیاس .
- راجعنا بعد ذلک جداول التصفیة علی الجداول الأصلیة لشطب ما تم أکتشافه من تکرارات
- تم حصر عدد الکلمات المتنوعة فی هذه المرحلة فی کل جدول من جداول التصفیة مع مراجعة حاصل الجمع علی الجداول الأصلی المقابل فاذا توافق الرقمان کان ذلک قرینة علی دفة الاحصاء و الا فلابد من إعادة التدقیق لاستشکاف أسباب التخالف و استدراکها .
- یکتب عدد الکلمات المستخرج من المرحلة السابقة تحت الجداول الخاص به .
و من الواضح أننا بذلک نکون قد استخرجنا رقمین من کل جدول : الأول للکلمات المتنوعة علی مستوی الجدول و الثانی للکلمات المتنوعة علی مستوی العینة کلها و من ثم یجب تمییز کل رقم بعلامة ممیزة. - تتبع نفس الخطوات السابقة علی العینیتین الاخریین کل علی حدة .
بهذه المجموعة من الخطوات یمکن التوصل الی عدد الکلمات المتنوعة علی مستویین :
– الاول : عددها بین کل مائة کلمة من کلمات العینة .
– الثانی : عددها فی العینة المدروسة کلها .
وسنری اهمیة هذین المستویین عند الکلام علی طرق استخراج النسبة المطلوبة من المعلومات المتوافرة لدینا نتیجة إجراء العملیات السابق ذکرها .
و قبل إن نأخذ فی بیان هذه الطرق نود أن نوضح الشروط التی أجری تحتها الحصر السابق، علی ای اساس یمکن أن تعد کلمة ما مختلفة بالنسبة ألاخری ؟
و بین یدی الاجابة عن هذا السوال نود ان نقدم هذه التنبیه إذ الشروط التی سنذکرها تحکمی محض و هی لا تلزم غیرنا ممن یرید معالجة عینة أسلوبیة ما علی هذا المنهج من حقه أن یجب شروطه علی النحو الذی یراه شریطة أن یلتزمها فی جمیع ما یدرس التزاما صارما .
أما فی هذا البحث فقد رأینا أن تحقیق قیاس أدق لخاصیة تنوع المفردات یتطلب الالتزام بما یلی :
- یعتبر الفعل کلمة واحدة مهما اختلفت صیغه بین مضی و مضارعة و أمر و مهما اختلفت کذلک جهات اسناده إلی المفرد و المثنی و الجمع تذکیرا و تانیثا.
- لایعتد باختلاف صیغ الأسماء إفرادا و تثنیة و جمعا ککلمات متنوعة إلا اذا کان المثنی أو الجمع من غیر لفظ المفرد .
- لایعتد باختلاف الاسم تذکیرا و تأنیثا ککلمات متنوعة إلا اذا کان المونث من غیر لفظ المذکر
- اذا تعددت صیغ الجموع احتسبت انواعا أی کلمات مختلفة .
- اذا اتصلت بالاسم اللاحقة الدالة علی النسب أو لاحقة المصدر الصناعی فان الصور الثلاث تعتبر انواعا و علی ذلک مثل انسان ـ انسانی ـ انسانیة تعتبر ثلاث کلمات مختلفة
- اذا دلت الکلمة علی أکثر من معنی معجمی علی جهة الاشتراک اعتبرت کلمات مختلفة .
- یعتد بالکلمة الرئیسیة فقط مهما تعددت السوابق و اللواحق ، فكلمات مثل محمد – لمحمد ، هذا – بهذا- لهذا ، ما ( موصولة ) – بما – كما – فيما ، له – لنا – لكم ، تعتبر كل مجموعة منها كلمة واحدة.
- اذا اختلفت صيغ الأفعال بين ثلاثية و رباعية و خماسية و سداسية ، و كذلك المصادر و المشتقات فإن وحدة الجذر لاتحول دون اعتبارها كلمات متنوعة.
الطرق التي يتم بها حساب نسبة التنوع :
اقترح جونسون اربع طرق يمكن حساب نسبة تنوع المفردات باستخدام واحدة منها او اكثر حسبما يراه الباحث مفيدا و محققا لهدفه من الدراسة و هذا عرض مع التمثيل للطرق الاربع قبل تطبيقها علي العينات الثلاث التي اخترناها للدراسة .
الطريقة الأولى:
فيما تحتسب نسبة التنوع علي مستوي النص أو العينة بكاملها و يتطلب حساب النسبة بهذه الطريقة حصر الكلمات المتنوعة في النص كله و قسمة عددها علي الطول الكلي مقدرا بعدد الكلمات المكونة .
الطريقة الثانية : ايجاد القيمة الوسيطة لنسبة التنوع
ويتطلب استخدام هذه الطريقة اتباع الخطوات الآتية:
- تقسيم النص أو العينة إلي اجزاء متساوية الطول.
- حساب نسبة الكلمات المتنوع الي المجموع الكلي لكمات كل جزءعلي حدة.
- أخذ القيمة الوسيطة لقيم نسبة التنوع في الأجزاء المختلفة و ذلك بجمع هذه القيم ثم قسمة علي عدد الأجزاء المكونة للنص.
الطريقة الثالثة : ايجاد منحني تناقض نسبة التنوع
يتطلب ذلك
- تقسيم النص الي اجزاء متساوية الطول
- حساب النسبة في الجزء الاولي من النص و ذلك بحصر الكلمات المتنوعة و قسمة عددها علي المجموع الكلي لكلمات الجزء.
- حصر الكلمات المتنوعة في الجزء الثاني من النص دون ان ندخل فيها اي كلمة سبق ورودها الجزء الاول.
- ايجاد نسبة في الجزء الثاني بقسمة عدد الكلمات المتنوعة التي تم حصرها علي المجموع الكلي لكلمات الجزء الثاني فقط.
- تتبع نفس الطريقة مع الجزء الثالث وكذلك سائر الاجزاء إلي ان تنتهي جميع الأجزاءالمكونة للعينة.
الطريقة الرابعة : ايجاد منحني تراكم نسبة التنوع
ويتم حسابه علي النحو التالي :
- تقسيم النص إلي أجزاء متساوية الطول
- ايجاد النسبة بين الكلمات المتنوعة و المجموع الكلي لكلمات الجزء الاول.
- بالنسبة للجزء الثاني يتم ايجاد النسبة بين الكلمات المتنوعة و التي لم يسبق لها إن ظهرت في الجزء الاول و بين المجموع الكلي لكلمات هذا الجزء فقط.
- نقوم بجمع عدد الكلمات المتنوعة في الجزءالاول إلي عدد الكلمات المتنوعة في الجزء الثاني ثم نحصل علي نسبة التراكم بقسمة حاصل جمعهما علي المجموع الكلي لكلمات في الجزئين معا.
- نسبة التراكم في الجزء الثالث تساوي حاصل جمع عدد الكلمات المتنوعة في الأجزاء الثلاثة مقسوما علي الطول الكلي للنص مقدرا بعدد الكلمات المكونة للاجزاءالثلاثة و هكذا حتي تنتهي جميع الاجزاء المكونة للنص أو العينة.
نتائج القیاس :
قياس النسبة الكلية للتنوع لدي الشعراء الثلاثة يدل علي ان اسلوب الأخطل هو أكثر الاساليب الثلاثة تنوعا ( 49.6) و أقلها هو أسلوب جرير (45.0 ) علي حين يتوسط أسلوب الفرزدق بينهما ( 46.7)
القصائد التي قمنا بتفريغها في الجداول تتكون من 9000 كلمة و لكل شاعر من الشعراء الثلاثة 3000 علي حد سواء و لهذا أطوال العينات متساوية .
يتضح انه هناك فارق ملحوظ بين الكلية للتنوع بين الأخطل و جرير حيث استخدم 150 كلمة اكثر من الكلمات المتنوعة لجرير في أشعار خلال هذه الكمية من الالفاظ كما نلاحظ الفارق بين الفرزدق في نسبة الكلية للتنوع و جرير ليس كبيرا ( 50 كلمة فقط ) .
كما نلاحظ في الجداول و الأشكال ان كمية الالفاظ المتنوعة تتجه الي الانحدار عند كل شاعر من الشعراء الثلاثةَ بيد أنهم يختلفون اختلافا مميزا في درجات الانحدار و كما يبدو ان الانحدار لدي الأخطل اقل الثلاثة ثم يليه الفرزدق و هذا الانحدار اكثر وضوحا عند أسلوب جرير.
ربما هذا الفارق الكبير بين الأخطل و الجرير ناجم عن اننا اخترنا العينات و القصائد من النقائض التي كانت اكثر محاورها حول الهجاء و كان جريرمكتوف اليدين في الهجاء حسب تعبير محمد عزّام في دراسة اجراها في النقائض قائلا [20]:« ولم تكن كل النقائض مما يُرَدُّ عليه، فهناك قصائد لجرير في هجاء الأخطل تستوجب النقض، ولكننا لا نجد لها عند الأخطل»
يري بعض الباحثون انه هناك علاقة وثيقة بين نسبة تنوع المفردات و الالفاظ لدي شاعر و ناثر و صعوبة الاسلوب حيث اذا ارتفعت القيمة المتوسطة لتنوع الكلمات لدي كاتب أو شاعر ترتفع ايضا صعوبة ألاسلوب ووصفوا نسبة التنوع بانها افضل مقياس لاختبار مدي الصعوبة في الاسلوب.
وإن قمنا بتطبيق هذه النتائج علي الاقوال التي وصلت الينا من الشعراء انفسهم و النقاد و الباحثين نجد بعض الاشارات فيها تدل علي هذا الفارق بينهم دون ان يتم بحث حول هذا الامر و ربما ارتفاع هذه النسبة لدي شعر الاخطل و الفرزدق مما أدي الي اعتراف جرير بهذا الامر حيث انه أذعن بذلك:
كما قال لرجل من طُهَيّة: أينا أشعر أنا أم الفرزدق؟ فقال له: أنت عند العامة، والفرزدق عند العلماء. فصاح جرير: أنا أبو حزرة! غلبته ورب الكعبة! والله ما في كل مئة رجل عالم واحد . [21]
وكما يوكد هذا القول الذي نقل عن خصميه ( الاخطل و الفرزدق ) حسب رواية الاصمعي التي تقول «إن الفرزدق والأخطل اجتمعا فقال الأخطل للفرزدق: أنا والله وأنت; أشعر من جرير .» [22]
و يضيف قوله« وقد أحسن الأخطل تقسيم قصيدته، فجاءت خالية من الاضطراب واختلال الفنون، بخلاف جرير الذي ظهر عنده الاضطراب في النسيب والهجاء والفخر، كما لم يحسن التخلص.
وقد ظهر الأخطل صناعا ماهراً في الأسلوب، وفي اختيار ألفاظه، وتأليف جمله، وإحكام عناصرها بالروابط، وإتمام معانيه، والإكثار من الصور في نعت الخمر ووصف نفسه، بخلاف جرير الذي كان عادياً، لأنه كان في موقف الدفاع، وهو مقيد بما جاء لدى الأول من المعاني والأساليب، مما جعل معانيه مقتضبة، وصوره قليلة »
المصادر و المراجع :
- الأخطل ، ديوان الاشعار ، شرحه راجي الأسمر ، دارالكتاب العربي ، الطبعة الثانية ، بيروت، 1994.
- أنیس ، ابراهیم ، المعجم الوسیط ، دفتر نشرفرهنگ اسلامی ، طهران ، الطبعة الثالثة ، 1408 هـ.ق.
- التونجی ، محمد ، معجم العلوم العربیة ،دارالجیل ، الطبعة الاولی ، بیروت ،2003 م .
- خمري، حسين، الظاهرة الشعرية العربية ،الحضور والغياب دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب، موقع الاتحاد .
- الجاحظ ،عمربن بحر، البیان و التبیین ، دارالکتب العلمیة ، لبنان ، بیروت .
- جرير ، ديوان الأشعار ، شرحه تاج الدين شلق ، دارالكتاب العربي ، بيروت ، 1994
- ضیف ،شوقی، تاریخ الأدب العربی ، العصرالاسلامی ، دارالمعارف ، الطبعة السابعة ، قاهرة .
- ضیف ، شوقی ، الفن و مذاهبه فی الشعر العربی ، دارالمعارف ، الطبعة العاشرة ، قاهره
- الفرزدق ، ديوان الأشعار ، شرحه ايليا الحاوي ، الشركة العالمية للكتاب ، الطبعة الثانية .
- عزام ، محمد ، النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي ، دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق
- الصولي: أخبار أبي تمام، تحقيق محمود عساكر وآخرين، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، ص 172
-# مصلوح ، سعد ، قياس خاصية تنوع المفردات في الأسلوب ، ، مجلة كلية الاداب و العلوم الانسانية ، م 1 ، ص149 ، جامعة الملك عبد العزيز - ناظمیان ، هومن ، دراسة تطبیقیة من کتابات محمد مندورو سید قطب و محمد غنیمی هلال ،طهران ، مجلة اللغة العربیة و آدابها ، السنة الاولی ، العدد الثالث ، 2006.
Al-Naqaes Poets
(Al-Akhtal, Al-Farazdaq, Jarir)
Author:
Mohammed Sharif Husseini
Ph.D. Student, Arabic Language & Literature
The College of Languages and Literature
Jan 2010
Abstract:
This survey reflects the issue of vocabulary diversity and its ratio in the selected odes of the poets of Owamids era: Al-Akhtal, Al-Farazdaq and Jarir, mainly known as Al-Naqaes Poets. In order to review and compare the thesauri, Johnson analytical methods have been used and the average of whole diversity of the words in the poems of these poets and their cumulative and decremental ratios are presented. According to this survey, from the methods used by these poets, Al-Akhtal used the most diversified words in his poems. Jarir has the lowest level of using diversified words and Al-Farazdaq’s is placed in between. According to the relationship between the average diversity and the difficulty of the method, it was determined that Al-Akhtal has the most difficult and complex method in comparison with Al-Farazdagh and Jarir.