قصص قصيرة عن الوطن المحتل
1- موشيه
في مدينة أريحا، وعند الصباح تماما، أقعى الخواجه موشيه، ونفر من جماعته قرب المدخل الشمالي لمخيم عين السلطان
كانوا جميعا متذمرين من البرد، والمطر، والمطاردات اليومية !بدأ الوقت مبكرا، حين أطلق موشيه آهة طويلة وزفر ! فلفت انتباه صحبه، الذين قلبوه بأبصارهم، وهزوا رؤوسهم، ولم ينطقوا فحاله من حالهم تماما !
حينئذ، بدت أنظارهم مشدودة آلي مدخل المخيم، تنتظر ما يحمله اليوم الجديد !!
لحظات وانكشف النهار عن حركة ناس المخيم حشد من الصبية والشبان، والفتيات، والأمهات يملئون الأزقة والدروب، وحركتهم لا تهدأ.
تطاولت قاماتهم، وتفاوتت.
كانت الأوامر، لدى موشيه وصحبه، واضحة وصريحة، : " تفريق التجمعات بالقوة " لذلك امتد الكلام، وقامت ضجة الرصاص، والحجارة، والعصي، وزجاجات المولوتوف.
وانبعثت رائحة الغاز، والبارود، والبصل، والكاوتشوك وبدأ المشهد موجعا، وجميلا في آن واحد
ولاح صبية المخيم، وناسه، أن موشيه متعب ومنهك منذ الصباح، وهو يتراكض بجسده البدين مع جماعته، من مكان إلى آخر !
واحد من أبناء المخيم، قال لمن حوله :
" سيرى، هذا الثخين، أبشع مما رأى، وستتباهت حركته أكثر، والأيام بيننا " !
وتمتم موشيه نفسه، خوفا من وشاية أصحابه :
( يا إلهي، أما من نهاية لهذا العذاب ) ؟ ! دون أن يدري أن صحبه، مدوا هذه التمتمات في صدورهم منذ نهار الأمس !
2- ما بين صافرتين
عند الضحى،
وفي السجن القريب من مدينة غزة أطلقت الزنازين صريرها، وناسها عندما انطلق صوت الصافرة، معلنا بداية وقت التنفس.
كانت العتمة في داخل الزنازين معشوشبة. وكان الضوء في خارجها، فسحة صغيرة، راعشة بالألوان. حالا، وفوق خطا قصيرة، مشى العجوز ( عبد اللطيف العايدي ) والشاب ( زكي حمدان ) آلي الفناء الصغير، المفروش بالضوء، والملتف بالهواء، الذي لم يفسد بعد ومع امتداد الخطأ، وأصلا حوارا، كانا قد بدأاه في عنبرهما.
سأل الشاب :
– " لكن أتراها تدوم يا عمي "؟! ( وغمزة بعينه )!
– " أبدا، يا بني، لن تدوم "!
– " لكن أمريكا وراءها "!
– " حتى 000 ولو كانت أمريكا "!
– " لماذا يا عمي "؟!
– " يا بني، الشجرة، عندما تتساقط أوراقها، وتتكاثر الثقوب في جذعها تتركها قرودها "!
وابتسم الشاب لكلا رفيقه. أما الحارس فقد رابه كلامهما ! لذلك سأل العجوز: " عن قصده " ؟!
فقال :
– " أقصد جنوب أفريقيا يا خواجه لا " إسرائيل " !
فاكفهر وجه الحارس، وسكت العجوز، ودوى صوت الصافرة مرة ثانية معلنا انتهاء وقت الفسحة.
ومضى العجوز والشاب مع الآخرين آلي داخل زنازينهم، وعنابرهم، مخلفين وراءهما الخواجة الحارس مبلولا بغيظه !
3- فرار الطبيعة
قرب مخيم الدهيشة في، نابلس
توجد حديقة صغيرة، ناهضة على الخضرة يلعب فيها الصغار، ويستروح الكبار!
أمس، وفي أثناء محاصرة قوات الاحتلال للمخيم دخل الخواجة ( حاييم )، (الذي يعمل حاخاما في الجيش، والذي يرافق قوات الاحتلال كواعظ ) الحديقة
كانت الورود جميلة راقصة.
ونوافير البحيرات تتراشق بالماء والأنسام تتأرجح فوق أغصان الأشجار، الداكنة الخضرة.
أما الناس، الذين اعتادوا أن يكونوا فيها، وفي وقت مسائي هذا، فكانوا حشو بيوتهم، وأزقتهم، يواجهون رصاص الخواجات بالأعلام الملونة والحجارة وحالما استقر الخواجة الحاخام فوق مقعد خشبي صغير في الحديقة غيبت الورود جمالها و رقصها، وقبضت نوافير البحيرات أنسامها، وأخفت خضرتها !
حدث ذلك عندما لبس الخواجه الحاخام طاقيته السوداء الصغيرة المثقبة وشرع يقرأ في كتاب سميك، صغير الحجم مكتوب عليه :
أسفار العهد القديم !