الخميس ٣ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم
سفر الدماء
مرفوعة إلى: الدماء الزكية التي غيرت وجه التاريخ
يا نيلُ أعْتقْ طائرَ اللقْلاقِ | واسْكبْ شموخكَ في فمِ الدُّ رَّاقِ |
انْثرْ على قبرِ العروبة زهرةً | واذْبحْ بمحرابِ الخنوع الباقي |
انْفثْ على مُكْثٍ بثغركَ في «جوبا» | أَولمْ تَزلْ عِبْريَّةَ الأعْراقِ |
«سيدي أبو زيدٍ» مخاضُ نبوةٍ | ودمُ المروجِ يفوحُ في الآفاقِ |
سَائِلْ «دمَ الأخوينِ» عن صَنْعائها | هل سَدُّ مأربَ جادَ بالإغْداقِ |
ويمورُ في «البحرينِ» موجُ أهلَّةٍ | لِتُجهَّزَ الأْقْمارَ للإطْلاقِ |
بَارِكْ «بني غازي» ستضحكُ بعدما | ناحتْ على قبرِ النخيلِ سَواق |
وأناخَ في « مصرَ» الزمانُ بعيرَهُ | ليُسطِّرَ التاريخَ دونَ نفاقِ |
لا تقْربي يا شمسُ سِفْراً قبلما | تتوضَّئينَ بجدْولٍ رقراقِ |
في ساحةِ التحريرِ عُرْسُ رجولةٍ | عافَ الرجالُ تفرُّقي وشِقاقي |
يغشاكَ هولُ قيامةٍ فإلى متى | «هامانُ» يزعمُ أنَّ صرحكَ باقِ |
ارجعْ أيا «فرعون» إنكَ هالكٌ | قد أقْسمَ البحرانِ بالإغْراقِ |
الشعبُ والجيشُ اللذانِ هما يدٌ | العرْوةُ الوثقى تزينُ وفاقي |
قد ساقَ فيروسَ البغالِ لحاسبٍ | عارِ الصدورِ بلا قناعٍ واقِ |
فتعانقَ الشهداءُ ساعةَ عُرْسهم | وتفرَّقَ الغرباءُ دونَ عناقِ |
«فرعونُ» ما أشْقاكَ حين قَتلْتهمْ | ورفعتَ قاتِلَهُمْ على الأعناقِ |
لاذَ الجلالُ بفتية سُمْرٍ كما | لاذَ الجمالُ بشاعرٍ خلاَّق |
يا صاحبَ الخلقِ الكريهةِ ريحهُ | اسْألْ خيولَ الفتحِ عن أخلاقي |
أفلا تشمُّ اليوم مسْكَ تسامحي | سلْ راعيَ الأبقارِ عن أعراقي |
أمضي فتسْبقُني الكرامةُ بعدما | قد كنتُ أهونُ من رزازِ بصاقِ |
يا نيلُ كأسُكَ لم يعدْ لي صاحباً | حتَّى تعانقَ غزَّتي وعراقي |
وشفاهُ نَخْلكَ كربلاءُ عقيقُها | وتوضَّأتْ بسنا الحسينِ مآقِ |
الريحُ لمْ تطفأْ من السعفِ الجوى | في جيدِها حبلٌ من الأشواقِ |
قُدَّتْ خطاكَ من الصهيلِ فأوْرقتْ | وتقاطرتْ شدداً على أوراقي |
حلمي سفرجلةٌ يقبِّلُها المدى | وزراعُ شمسِكَ لفَّ خصْرَ محاقي |
ولقد ذكرْتُكَ والفتى «بردي» هنا | مجدافهُ يختالُ في أعماقي |
وهنَاك «دجلةُ» يحتفي بصقورِهِ | تتلقَّنُ التحديقَ منْ أحداقي |
رتَّلْتَ سِفْرَ دماكَ يا صفصافُ لي | باللهِ فـاتْلوهُ على العشَّاقِ |
إلْتفِّ يا ساقَ المنونِ بساقي | إنَّي إلى ربِّي بَدأْتُ مَسَاقي |
سهمُ الفراقِ دنا فهلْ باعدْتَهُ | أين التمائمُ هاتِها يا راقِ |
تتسابقُ الدنيا لتجْنيَ شوكةً | والفلُّ يأتيني بغيرِ سباقِ |
الناسُ تشْقى كي تُضَمِّدَ جرحَها | وأنا الذي برْئى بِبَول نياقي |
أطحالبٌ زرقاءُ قد صِيغتْ لهُ | ومن النفايةِ يأكلونُ رفاقي |
قد أهلكتْ حرْثي ونسليِ عصبةٌ | بمُسَرْطنٍ قد شاعَ بالأسواقِ |
أمعسكراتُ الأمنِ في أوكارِهاً | أوْلى من الشيطانِ بالإحْراقِ |
ومؤسساتُ النقدِ في أطمارِها | أَ مِنَ اليتيمِ أحقُّ بالإشفاقِ |
ولئنْ سألتَ السُمَّ كانَ جوابهُ | إنِّي أعاني من أذى الترياقِ |
فالذئبُ قد يأتي ببردةِ ناسكٍ | صِيغتْ فرائدُها من الإْشراقِ |
لا تقرأوا فنجانَ من وأدوا الضحى | سكبوا الأسى خمراً على الآفاق |
القهْرُ أقراطٌ بأُذْنِ بيارقي | والحزنُ خلخالٌ يطهِّرُ ساقي |
شَرِبَتْ مقاماتُ العراقِ على القذى | جرحُ الخزامى غائرُ الأعم |
سَرَتْ البوارجُ مسرعاتٍ في دمي | فكأنما تَسْرِي بظهرِ براقِ |
ما للرماحِ كأنَّها قطرُ الندى | مثل البغيِّ تلينُ حينَ تُلاقي |
أسْيا فُنا كمليحةٍ في خدرها | كم أحضرتْ كأساً وغابَ الساقي |
قد أَذَّنتْ في الهاجعينَ فما أَتوا | آذانُهم سفحتْ دمَ الأبْواقِ |
صاغوا جداَر العارِ من فولاذِنا | قلْ هلْ نُنَبِّئُكمْ عن الإخْفاقِ |
يا أهْلَ غزَّةَ سامحونا كلمَّا | قد جاءكمْ خبزٌٌ من الأنفاقِ |
شقَّتْ حرابُ النفطِ نحرَ بكارتي | والله ما قَتَلُوكِ من إملاقِ |
وبكتْ على صدرِ الصليبِ مآذنٌ | لم تُعْطني مهراً فأين صداقي |
ما جاءتْ الأحزابُ بالأطواقِ لا | السوطُ سوطي والوثاقُ وثاقي |
فإذا كَسَرْتِ الطوقَ عاد كأنَّما | في جيد «مصَر» تناسلتْ أطواقي |
يا «مصرُ» هلْ قُبِلَتْ لديْكِ شَفاعَتي | برسائلٍ أدْمَتْ يدَ البرَّاقِ |