ذاتَ شِتاء
الهايكو نمط شعري ياباني، تفرع من أنماط شعرية أقدم، لكنه ازدهر وأخذ شكله التقليدي في القرن السابع عشر على يد شعراء عظام من أمثال باشووأونتسورا. وتتكون قصيدة الهايكوالتقليدية من سبعة عشر بيتاً، كل بيت يتكون من ثلاثة أشطر، مرتبة حسب عدد المقاطع الصوتية كالتالي : خمسة، سبعة ، خمسة.
وفي حين ركز الهايكو التقليدي على الطبيعة والمواسم واستخدام المشاهد اليومية للوصول إلى اللحظة الجمالية أونقطة الإستنارة، فإن الهايكوالحديث الذي بات يكتب بكل لغات العالم تقريباً لم يستطع الإلتزام بالقالب الياباني التقليدي واكتفى بالنزعة التصويرية وتكثيف المعنى.
ترجمت أشهر قصائد الهايكواليابانية إلى لغات عديدة منها العربية، إلا أنه نظراً لغياب الإلمام الكافي لدى بعض المترجمين بخصوصية هذا النمط الشعري فقد خرجت بعض الترجمات مشوهة لا تمت إلى روح الهايكوبصلة.
هناك أيضاً شعراء اقتحموا تجربة كتابة الهايكوبالعربية. لكن أغلبهم، إن لم نقل جميعهم، نحوا إلى مواكبة الشكل الغربي الحديث من الهايكووالذي لا يلتزم بالضرورة بعدد الأبيات أوحتى بعدد الأشطر في بعض الأحيان.
ولأنه من الصعوبة بمكان، الإلتزام بالشكل الياباني القديم في كتابة الهايكو العربي، لعدة أسباب لعل أهمها اختلاف طبيعة اللغة، فقد حاولت في الأبيات التالية الاعتماد على المقاطع الصوتية في محاولة لتقريب الهايكو العربي من شكله الياباني الأصيل، الذي منه نشأ.
ذاتَ شِتاء
تلطمُ بابي عاصفةٌ رعديَّة أوصدُ قلبيتُزمجرُ الرِّيح ستائِري تَرتَجف وقلبي أيضاًأمامَ الزُّجاج أنفاسي ضَبابية لا أُبصرنيقطرةُ مطر على الجانبِ الآخر تستغيثُ بي ظلُّ شمعتيكالموجْ، يعلوويهبِطيُراقصنيمثل أرملة تَحقدُ على الحياة تَستشْرِسُ الريحإذا ما خَرجْت كي أتبعَ خُطاها ستلحقُ بيأُشعِلُ قلبي بفتيلِ الذكريات كي لا أنطَفيءأنا وحيدة لكني أسكبُ الشَّاي من أجلِ شَخصينيعلنُ المِذياع : الأجواءُ مشمسة في بلدٍ ماعلى وَرَقة دمعة. وعلى أخرى قطرةُ مطرعينا جَدَّتي نافِذَتين، في بُرقع دفءُ غُربَتيضَحِكٌ صينيورائحةُ طعام شبيهةٌ به!غناءُ المطر في سهولِ بلادي تكبيرةُ عيدقمرُ الشتاء مبتلٌ مثل عيناي حينَ لا أراههَسْهسةُ الرِّيح من خلفِ نَوافذي تُهدهِدُنيسنينُ الغربة شتاءٌ لا ينتهي بغيرِ عودة