أمام تمثال الحرية
أمام تمثال الحرية
10 كانون ثانٍ 2005
"زرتُ تمثالَ الحرية مع بداية السنةِ الجديدة... المكان كثير الأضواء ويشعر الزائر بالانبهار.. أنا لم أنكر الإعجاب به لكنني لا أستطيع إلا أن أتباهى أمامه بعظمةٍ خفتت في موطني.. لكن الأمل لا يزال يحدوني أن تعود...."
أمامَكَ
والليل ينقصه أن يكون خفيفَ الضبابِ
أخذتُ أجمّع دفءَ المكانِ
وأحفظه في ثيابي
وجاءتْ جموعٌ من الموجِ
حتى تزينَ ماءَ المحيطِ المعظمِ بالإضطرابِ
***
أنا قادمٌ من مكان بعيدْ
أتيتكَ من بلدِ النيلِ
سوف يعلمكَ الناسُ فيه البساطة والعنفوانْ
أتيتك من عبق المجدلية
ومن أرضِ بيروتَ ملهمةِ العطرِ والأرجوانْ
ومن فجرِ بغدادَ والأعظمية
حملتُ ترابَ دمشقَ على راحتي
كالهوية
فإن له كالرياحين رائحةً طيبة
وألوانه كبريق الجمُانْ
***
أكلمك الآن من غير أي وسيطٍ
ولا ترجمانْ
وأكتب نفسي
وتاريخَ أجدادي الرائعينَ
على صدر هذا المكانْ
أكلمك الآنَ
خارج كلِّ حدود الزمانْ
أتسمعُ صوتي؟
أتعرفُ أني نبيُّ المروءاتِ؟
هيا... سأُسمِعكَ الآن شِعرَ أبي الطيب المتنبي
أتعرفُ شعرَ أبي الطيبِ المتنبي؟
أتعرفُ من "يزرع الشمس في كلِّ دربِ"؟
***
أقرُّ بأني أمامكَ يخفق قلبي
أقرُّ
بأنك كنتَ تحلقُ مثل طيور الأساطيرِ
حيناً أمامي
ولكنني سأرددُ دوماً بأنك لستَ غرامي
فلي في بلادي حبيبة
أدثرها في عيوني
وترحل دوماً معي
وأحملها مثل عصفورةٍ في كلامي
وأذكرها كلما أعجبَ الناس فيكَ
فيبدأ ثغريَ بالإبتسامِ
أنا من بلادٍ ندمرها بالكلام السخيفِ
ونحرقها كل يومٍ
بعقلية العربي السخيفِ
أنا من بلاد غزوتَ
وما زلتَ تغزو
لماذا تعجّبتَ أنّا ندافعُ عن عرضها
بصليل السيوفِ؟
أنا من بلاد الجنونْ
لذلكَ صرتَ عليها إماماً
تُقامُ لأجلكَ فيها الصلاةُ
ويعبدكَ المارقونْ
أنا من بلاد الجمال المشوه بالظلمِ
والأمل المستباحِ الحزينْ
***
أمامكَ
والبحرُ بحري
وبعضُ السماءِ سمائي
ولي طفلةٌ سوف تكبر يوما
لترفض ذاكرة الذلّ والإنحناءِ
سأرسم في كفها وردةً للسموِّ
وأطلقها في الفضاءِ
إذا كنتَ يوماً صنعتَ قيودي
فلي طفلة ستحطم هذي القيودَ
وتقلب كلّ عروش الملوك المجانين والأمراءِ
أنا طفلتي آية في الإباءِ...