السبت ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم
أغنياتك في قلبي تنفجر
أريد أن أحكي لك حكايةعن الأطفال الذين يختبئون في كروم العنبويغمضون أعينهموعندما ينتبهونيجدون العالم قد كبر!فيهرعون لأمهاتهمفلا يجدون سوى التفاح الصامت على الطاولاتلا يلتفت لأحد.وكلما قطعت وترا من قلبكدبت فيه تفاصيل الحياةوالتهمه عصفور ثم ذابوكلما اقتلعتي وردة من قلبينبت التوت بجوار أحزان العنبالشوارع التي تحزن في الخريفشمعة في يد راهبالعيون التي تلمع تحت المطرثعالب ترصدناوالهواتف في يديناسجلات لأفراح وأحزاننشربها في كأس زجاجي معاالشوارع التي تفرح بالشتاءتبكي قرب نهايتهوتفتح الأبواب الحديديةبجنونبحثا عن البردكلما غنيت عن عينيكغيرت النوارس رحلتهامن الشمال إلى القاهرةوكلما غنيتي عن جنونكاشتعل النبيذ في دميالمراكب الورقية الصغيرةتغريدات لأرواح عصافير النهرالعصافير نفسهاأغنيات قديمةبعثت من رماد العاصمةوالرحالةيأخذون روحي في كل قافلةويضعون أحلامي على أكف المهزومينوالثوارأحملهم في حقيبتيوأوزعهم على الغاباتفيطلقون النار على أحزانهموالمجانينأغطيهم بهلاوسيفيستكينون وينامونأما أنتفأهبك لنفسيفتكونين للكون رسولة الحريةأقواس المطربقايا عناق من عشاق رحلواأقواس المطرمن مدينتي إلى مدينتكجسر من الأحلام"لا تتركيني شاحبامثل القمر"1سبعة ألوان من الشوقومازال قلبي ينتحرليس لي في هذا النشيد، سوى نغمك.لا أنكيدو صديق،ولا عصا موسى.وكلما سددت سهمًا إلى صدر العدو،وأدت نفسي!فغنيلي، أغني،بكاء الدم المسفوك على عنب الطفولة..وقولي اليوم نمضي،ونرسل الرسائل البيضاء إلى وطن العبيد.نبادله الطيور بالماء، والنبيذ، والصابون، والتبغ، وأقراص المهديء.نبادل الوطن الغريب بالبيبسي، وبندق الشيكولاته، والقهوةالعناوين الطويلة للأفلامنختصرها في قبلة وعناق بالأصابعوالتماثيل الرماديةنزرع بجوارها شقائق النعماننرويها بدمعتين وقطرة دموالشاردون في محطات القطارنرسم لهم على الوجه أطفالا يضحكونوأناأمنح وحدي للطيور نظرات صامتةكلما التقينااستسلم شيطان لإرادة السماءوعانقنيوصار ملاكاكلما تباعدناانتحرت شجيرة زيتون في فلسطينوعندما أعبر الطريقأجد أصدقاءًلا أعرفهميلحون بأيدهم على الضفاففأرفع يدي ملوحاوتغرق في الموسيقى المدينةأنزلها فتغرق في الحزنمن أين يأتي صوت الموسيقى يا سما؟التفاصيل الصغيرة في أوراق الكتبسأحكيها لكوالهمسات الصغيرة في أغاني فيروزسنمسكها معاالقمر الذي لا يحبنيفي آخر الليليطرق باب الغرفة ويقول:خبئني عندك حتى المساءففي الأشجار موت ينتظرالقمر الذي لا يحبنيينتظرني في آخر الشارعلينشب في قلبي مخالبهالقمر الذي لا يحبنيعندما أغلق الشرفة والنافذةيسهر بانتظاريالقمر الذي لا يحبني ولا أحبهيحبني وأحبهعلى الطاولة وجهانفي المقاهي موسيقى تشرب القهوةفي المطارات حزن يتكيء على القلوبفي العيون نداءفي الحنين وجع بالأفراحفي "العثرة حجر يرشدنا"2على الطاولة وجهانعلى قلبي حجر يقتلنيعلى قلبي وجه يمتص حياتيعلى قلبي عيون تناديني لأعود لنفسيوفي قلبي مطاراتثمة في كل قصيدة حلمانحلم بالخلودوحلم بالموتوأنا الوحيد غريبافي غيابك أنتحرتتبعين في الموت صوتييحتل الأمكنةأما المطرفيحملني في كل غيمةإلى أنفاق المعابرأترك للجنود أناشيدًاوأحتضن الألغام وأقول:كوني طيبة بما يليق بهذا الوجعالعصفور المجنون الذي كان ينقر ياقة قميصيكل صباحعندما غيرت المنزلجلس يغرد تبغ الأحزان في الشرفةوينادي: تعال لنلعبوأنا لا أصخ السمع،وأنا قلبي مصدوع كأودية الصومالوأنا قلبي مهمل كوثيقة حق الحريةوأنا قلبي منهك كعناكب تنسج ظلال الضوءوأنا قلبي محتشد ببقايا التبغوينزف موسيقى الجثثوأنا قلبي مكسور كعصفوريننتظر الأيام لتمضي ونمضي.لا تغضبي من أصدقائيأنا لست صديقا لأحدلا تغاري من الفتيات في الخريفأنا لست إلاك وأوراق الخريفوأحلامكأضعها في سجائريوأدخنها في كل شرفات المدينةفيصبح لي أصدقاءيحلمون بالكتبأما أنافأريدك أن تذهبي معي لآخر العالمثم تقولي:انظرنحن في مازلنا في الوطن- انظر ههنا بيروتوهنا القاهرةهناك بغدادوهذه القدسوتلك صنعاء- انظر لم نبتعد أبداأنا معك وأنت معيوالعالم كله نحنوحكاياتناأشتري لها دفاتر قديمةوألفها بخصلة من شعركفتكون حقبة أخرى لذكرياتناوأغنياتك في قوارير الخمر نائمةوالبحر يحرسها بأمواجهحتى شواطيء العدوفتنفجرهذا الكونهذا الخرابلا يرأبه سوى اثنينأنت الأناوأناي الشريدة
1- من قصيدة جواز سفر للشاعر: محمود درويش
2- من ديوان كل الطرق تؤدي إلى صلاح سالم للشاعرة: سوزان عليوان