أبعد من أن تطالني يد
أغافلها , وأفرّ من إلحاحها الروتينيّ :
– هيّا .. إذهبي لغسل الأطباق يا هنادي .
أتسللُ عبرَ الباب الخلفيّ إلى الفِناء والحبلُ في يدي.
بفرح غامر أسابِقُ الزمن ...
قفزة .. قفزتان .. ثلا ...
تصطادني يدٌ..
أنتِ هنا .. وأنا أذوي وحيدة ً هناك ..؟!
طبخ .. وكنس .. وكيّ ..يا لقلبك ..!
يهوي قلبي ....
أراهُ يتدحرجُ بعيدًا بعيدًا ليستقرَ بين خيطان العنكبوت.
تقبضُ على فستاني وتدفعُ بي أمامها إلى المطبخ . تنتزعُ الحبلَ من يدي , ثمّ
.. تتناول مِقصّا ..وتشْرَعُ في تقطيعهِ إربًا إربًا , وتلقي بالقطع في سلة
القمامة !
لا تأبه لتساقط النجوم عن جبيني ولا لاصفرار سنابلي.
تتوعدُني قبلَ أن تتوارى خلف الباب :
– إياكِ ألا تغسلي الأطباقَ فورًا.. ! سيكونُ عقابُكِ أسوأ من كل مرّة .
***
أتحسسُ الماءَ في الطشت وأتلذذُ بدفئه .
تستهويني فقاعاتُ الصابون وهي تتطايرُ من حولي كالفراشات الحالمة . أتناولُ
طبقا .. أصنعُ حبلا ..
ومع كلّ طبق أحلق بعيدا بعيدا ..
فوق البنايات ..فوق السهول..
فوقَ المَراكب .. فوقَ الكواكب ...
أبعد أبعد من أنْ تطالني يد.