السبت ٢٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٠

كذب

نادية بيروك

اليوم عيد ميلادها الخامس والأربعين.هي دائما تحتفل بعيد ميلادهم ولا تتوانى في ذلك. كان زوجها على خلاف معها. خلاف بسيط لا يستدعي كل هذا الجفاء وهذا التجاهل. كانت تعتقد أن عيد ميلادها سيكون مناسبة ليصالحها وليهدي إليها شيئا. أي شيء. ليس شرطا أن يكون غاليا ولا أن يكون ذا قيمة. ترقبت أن يسبقه أولادها وأن تسمع منهم : عيد ميلاد سعيد ماما. كل عام وأنت بخير. لا أحد تذكر ذلك. بدأ حماسها يفتر. واحتل الحزن واليأس مكانه. كيف لم يتذكر عيد ميلادها أحد. فتحت صفحة الفايس بوك. وحده الفايس من تمنى لها عيدا سعيدا وبعض المنافقين ممن يدعون صداقتها. أغلقت الفايس نظرت إليهم كل واحد كان غارقا في عالمه. كل واحد منهم كان مأخوذا باللعب على الأنترنيت. كان زوجها يجلس هو الآخر في البهو وهم مطبق على هاتفه مأخوذ بما يسمعه ويراه من فيديوهات فكاهية. أحست أنها غريبة بين عائلتها. أنها تحولت إلى مجرد خادمة في البيت لا يراها أحد ولا يتذكرها إلا ليسأل عن شيء احتاجه أو جورب ضاع منه... دمعت عينيها وهي تغسل الأواني في صمت. حين أنهت أعباء البيت. أحذت كتابا وجلست تقرأ وهي تنظر إلى كل واحد من أفراد أسرتها وهي تترقب كلمة واحدة.واحدة من أحدهم: طاب مساؤك ماما. لا أحد تذكر عيد الميلاد ولا أحد طيب خاطرها ولو بكلمة. فجأة التفتت إلى زوجها تم سألته:

 ألم يذكرك هذا اليوم بشيء ما؟ ألم تغفل شيئا؟

نظر إليها في غرابة وجفاء:

 تقصدين عيد ميلادك؟

 أجل عيد ميلادي الذي نسيتموه جميعا.

 لم أنسه. ليس لدي نقود لأشتري هدية فنحن في نهاية الشهر. لذلك فضلت عدم ذكره.

 هل كنت ستدفع النقود لو قلت لي عيد ميلاد سعيد؟

نظر إليها في استغراب وقال: عيد الميلاد, مجرد تخاريف. سوف أذهب للاستحمام.

دخل إلى الحمام. وترك ملابسه على الأريكة.

حملت سرواله الرمادي وتلمسته حتى تتأكد من خلوه لتضعه في آلة الغسيل.

تسمرت في مكانها حين وجدت مبلغا ماليا كبيرا في جيبه. أحست بمرارة تعصر فؤادها.أعادت السروال إلى مكانه وهي في ذهول تام. لم يتناسى عيد ميلادها وحسب، بل كذب بشأن النقود واستخسر فيها بضع دراهم وكلمة طيبة.

نادية بيروك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى