الأحد ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٠
بقلم فراس حج محمد

رسائل في محرقة الحذف

(1)

امرأة تحدّثني جنسيّاً لبضعِ دقائقَ
نلعب معاً شهوة افتراضيّة
تداعب عضوها بقليل من المساج اللطيفْ
مع شيء من الوجعِ الخفيفْ
ينزّ منها صوتها
فكأنّها ما زالت تحت فحلٍ عنيفْ
يبتكر العضو شهوته إلى آخرها
فتروي شرشفها بمائها المتدفّق الدافئ
تتكور تحت الغطاء تشعر بالبرد والخوف
تستجمع بعض قوتها وتكتب:
"احذف رسائلنا لئلا يرانا المتقون"!
أضحك منها ومنّي فما زال في ملابسنا أثر حيّ
فكيف نحذفه كذلك؟

(2)
امرأة أخرى تضرب لي موعداً كيما أراها
في مكان عامْ
تتّقي شرّ من هم عندها من أصدقاء مشاغبين "هكر"!
تتحدّث طوال الليل في كثير من انزياحات اللغة العاطفيّة
نبوح بشيء من قلق حذر
كأنّ مارداً واقفاً على باب الرسائل ينظر فيها
في آخر الليل قبل أن تودّعني تقول:
"احذف رسائلنا لئلا يرانا الخائبون"
أضحك منها ومنّي
فما زالت النار هنالكَ
تأكل في الضلوع وتروي بألسنة اللهبْ
فكيف سنطفئ ما تآكل من خلايانا هنا؟

(3)
وامرأة ثالثة أخرى غاضبة
تلعن في رسائلها الأسعار والمتسوّلين والتجار والحكامْ
وتهذي بسيل من شتائمها لغات الله في بحر من الأسودْ
وتذكر أسماءً لأشخاصِ الفساد
وعندما تصل الحكاية منتهاها، تقول:
"احذف رسائلنا لئلا يرانا المخبرون"
أضحك منها ومنّي
فما زالت الأسعار تأكل من جيوبي
والسجون تمكث في زوايا البيت
والشوارع مظلمة
فكيف سنشعل شمعة أخرى إذنْ
وننام دون مخافة السجّان في هذا البلد؟

(4)
وامرأة هنا على غير عادتها
أتت تدقّ جداري الأزرق
ومعها نصف حكاية من دينها المبتور
لا تحبّ الدين إطلاقاً
أخذت تفسر ما تراءى من مشاكلها على نصوص الله
وتشتم "داعشاً" وأصحاب العمائم واللحى
وتقول بكلّ شيء دون خوف من أمير جماعة أو حدّ سيف أو جلدة في السوقْ
أو اتّهام الزندقةْ
تفرغ ما تثاقل من حمولتها وتختم ليلها وتقول:
"احذف رسائلنا لئلا يراها الأنبياء الخائنون"!
أضحك منها ومنّي
فما زالت نصوص الله عامرة بتقواها ونجواها يفسّر بعضها بعضاً على الأهواء من كلّ أميرْ
فكيف إذن سنقوم بقتل الأمراء في الساحة؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى